ولو قال: وقَفْتُ عَلَى بَنِيَّ الخَمْسَةِ، وعلَى مَنْ سيولد لي عَلَى ما سأفَصِّلُهُ، ثم فَصَّلَ وقال: صَنِيْعَة كذا لابْنِي فلان، وضيعة كذا لفُلاَنٍ، إلَى أنْ ذكر الخمسة، ثم قال: وأمَّا مَنْ سيُولَدُ لي، فنصيبُه إن مات من الخَمْسَة، ولا عَقِبَ له فيصرف حقه إلَيْه، فماتَ واحدٌ، ولا عَقِبَ له، وولد للواقف ولد يُصْرَفُ إليه نصيبُ مَنْ مات، ولم يعقب، وليس له أن يطلب شيئاً آخَرَ؛ لقوله أولاً: وَقَفْتُ على بَنيَّ، وعلَى مَنْ سيُولَدُ لي فإنَّ التيفصيل المذكور آخراً بيان لما أجْمَلَه أولاً، وقد جَرَتْ عادةُ الشُّروطِيِّينَ بمثله.

ولو قال: وقَفْتُ عَلَى سُكَّانِ موْضِع كذا، فغابَ بَعْضُهُمْ سنَةً، ولم يبعُ داره، ولا استبدَلَ داراً، لا يَبْطُل حَقُّه هكذا ذكره الَعَبَّادِيُّ. ولو وَقَفَ عَلَى زيْدٍ بشرط أن يسكن موْضِع كذا، ثمَّ بعده على الفقراء والمساكين، فهذا وقْفٌ فيه انقطاعٌ؛ لأن الفقراء إنَّما يستحِقُّون بعد انقراضه، واستحقاقُهُ مشْروطٌ بشَرْطٍ قد يتخلَّف، والصِّفَةُ والاستثناءُ عَقِيبَ الجُمَلِ المعطوف بَعْضُها عَلَى بعْضِ يَرْجِعَان إلَى الكُلِّ.

مثالُ الصفة: وقفتُ عَلَى أولادي وأحفادِي وإخْوَتي المحاوِيجِ منهم.

ومثالُ الاستثناء: وقفتُ عَلَى أولادي وأحْفادِي وإخْوَتِي إلاَّ أن يفسق واحدٌ منهم، هكذا أطلقوه ورأى الإمام تقييدَهُ بقَيْدَيْن:

أحدهما: أنْ يكون العَطْفُ بالواو الجامعةِ، فأمَّا إذا كان العطفُ بكلمةٍ, "ثم" قال: يختصُّ الصفة والاسشاء بالجملة الأَخِيرة.

والثاني: ألاَّ يتخلَّلَ بيْن الجملَتَيْنِ كلامٌ طويلٌ، فإنْ تَخَلَّلَ كما لو قال: وقفتُ عَلَى أولادِي عَلَى أنَّ مَنْ مات منْهم وأعْقَبَ [فنصيبه بيْن أولاده {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]، وإنْ لم يُعْقِبْ] (?) فنصيبه للذين من درَجَته، فإِذا انقرضوا، فهو مصْرُوف إلَى إخوتي، إلاَّ أن يَفْسُقَ أحدُهُم، فالاستثناء يختص بالإخوة والصفة المتقدِّمة عَلَى جميع الجُمَل مثل أن يقول: وقفتُ عَلَى محاويج أولادِي، وأولاد أولادِي، وإخْوَتِي كالمتأخرة عنْ جميعها حتَّى يعتبر الحاجةُ في الكُلِّ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: الفَصْلُ الثَّانِي في الأَحْكَام المَعْنَوِيَّةِ وَحُكْمُ الوَقْفِ اللُّزُومُ (ح) فِي الحَالِ وإنْ لَمْ يُضَفْ إِلَى مَا بَعْدَ المَوْتِ، وَتَأْثِيرُهُ إِزَالَةُ المِلْكِ وَحَبْسُ التَّصَرُّفِ عَلَى المَوْقُوفَ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَسْجِداً فَهُوَ فَكٌّ مِنَ المِلْكِ كَالتَّحْرِيرِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مُعَيَّن فَهُوَ مِلْكٌ (و) لِلْمَوْقُوفَ عَلَيْه، وَلَوْ وَقَفَ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةِ فَالمِلْكُ مُضَافٌ إِلَى الله، وَقِيلَ بِإِطْلاَقِ ثَلاَثةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أنَّهُ لِلوَاقِفِ (ح) وَلَمْ يَزَلْ مِلْكُهُ بِدَلِيل اتِّبَاعِ شَرْطِهِ. وَالثَّانِي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015