المسألة الثالثة: في وقْف الإنْسان عَلَى نَفْسه وجهان:
أصحُّهما: ويُحْكَى عن نصه: المنع؛ لأنَّ الوَقْفَ تمليكُ المنفعةِ وحْدَها، أو مع الرقبة، والإنسان لا يَمْلِكُ نَفْسَه (?).
والثاني: وبه قال أحمدُ وأبو عَبْدِ اللهِ الزُّبَيْرِيُّ أنه جائزٌ؛ لأن استحقاقَ الشيْءِ وقْفاً غيرُ استحقاقه مِلْكاً، وقد يقصد مَنْعَ نفسه من التصرُّف المزيلِ للمِلْك، وينسب هذا الوجه إلى ابنِ سُرَيْج أيضاً.
وحكى القاضي ابْنُ كجٍّ عنه أنَّه يصحُّ الوقف، ويلغو الشرط، وإضافته إلى نفْسِه، وهذا بناءٌ على أنه لو اقتَصَرَ عَلَى قوله: "وقفتُ"، صحَّ الوقف.
وينبغي أن يطرد في الوقْف عَلَى من لا يجوز مطلقاً.
ولو وقف على الفقراء، وشرط أن تقضي من ريع الوقْفِ زكاتُهُ وديونُهُ، فهذا وقْفٌ على نفْسِهِ وغيره، ففيه الخلافُ، وكذلك لو شَرَط أنَّ يأكل من ثماره، أو ينتفع به، وقدْ يوجه الجواز بأنَّه عثمانَ -رضِيَ الله عنه- وَقَفَ بِئْرَ رُومَة (?)، وقَالَ: دَلْوِي فِيهَا