بأنّ تلْكَ الزيادة قليلةٌ، فصار كبَيْعِ الْقَتِّ في الأرْض بشَرْط القَطْع، ولك أنْ تَمْنَعَ ذلك، وتقولَ: كيفَ يُشَبّه زيادةُ العَيْن الفوارة بالزُّرُوع، بل بماء الزَّرْع على تدرُّجه، ثم لك أنْ تستبعد الاحتجاجَ والاعتِذَارَ معاً؛ لأنَّ المبيع ليس جُمْلةَ الماء، حتى يُقَالَ: إذا زَادَ اخْتَلَطَ المبيعُ بغيرِ المَبِيعِ، وتعذّر التسليم، وإنَّما المَبِيعُ [آصُع منه، وبالزيَادةِ لا يتعذَّر تَسْلِيمُ الآصع، وهذا كما لو باع] (?) صاعاً من صبرة، وصبَّ عليها صبرة أخْرَى، فإنَّ البَيْعَ بحاله، عَلَى قولنا: إنَّ المبيعَ صاعٌ مِنَ الجُمْلَةِ، وينقَى البَيْعُ ما بَقِيَ صاع.

والأوْجَهُ أنْ يبني قول القَفَّالِ عَلَى مذْهَبه في أنَّ بَيْعَ صاعٍ من صُبْرَةٍ مجهولةِ الصِّيعَان لا يجوزُ، ولو باع الماءَ مع قراره، نُظِرَ؛ إنَّ كان جاريًا، فقالَ: بِعْتُكَ ماءَ (?) القناةِ، مع مائها أو لم يكُنْ جارياً، وقلْنا: إِنَّ المَاءَ لا يُمْلَكُ، لم يجز البيعُ في المَاءِ، وفي القرار قولا تفريق الصَّفْقَة، وإنْ قلنا: أنَّهُ يَمْلك، جاز.

ولو باع بئْرَ المَاءِ، وأطْلَق، أو باعَ دَاراً فيها بئْرُ مَاءٍ، جاز، ثمَّ إنْ قُلْنَا: إِنَّه يُمْلَك، فالموجودُ وَقْتَ البَيْعِ، يبْقَى للبائع، وما يَحْدُثُ يكون للمشتَرِي.

قال في "التهذيب": وعلَى هذا لا يَصِحُّ البَيْعُ حتَّى يشترط أنَّ المَاءَ الظَّاهرَ للمشْتَرِي، وإلاَّ فيختلِطُ الماءان، وينفسخُ البَيْعُ، وإن قلْنا: إنَّهُ لا يُمْلَكُ، فقد أطلقوا قَوْلَهُمْ بأنَّ المشترِيَ أحقُّ بذلك المَاءِ وليحمل على ما نبع بعْد البيع، فأمَّا ما نبعَ قبله، فلاَ معْنَى لِصَرْفِهِ إلَى المشتَرِي (?)، ولو باعَ جُزْءاً شائعاً مِنَ البئر أو القناة، جاز، وما يَنْبُع، فمشتَرَكٌ بيْنَهما إمَّا اختصاصاً مجرَّداً أو مِلْكاً.

قَالَ الغَزَالِيُّ: فَإِنْ قِيلَ: وَمَا طَرِيقُ إِحْيَاءِ المَوَاتِ؟ قُلْنَا: إنْ قَصَدَ المَسْكِنَ فَلاَ يُمْلَكُ إِلاَّ بالتَّحْوِيطِ وَتَعْلِيقِ البَابِ (و) وَتَسْقِيفِ (و) البَعْضِ إِذْ بِهِ يَصِيرُ مَسْكِناً، وَلاَ يُحْتَاجُ في الزَّرِيبَةَ إِلَى التَّسْقِيفِ، وَفِي البُسْتَانِ يُحْتَاجُ مَعَ التَّحْوِيطِ وَتَعْلِيقِ البَابِ (و) إِلَى حَفْرِ الأَنْهَارَ وَسَوْقِ المَاءِ إِلَيْهِ (و)، وَفِي المَزْرَعَةِ إِلَى جَمْعِ (و) التُّرَابِ حَوَالَيْهِ وَتَسْوَيةِ الأَرْضِ وَسَوْقِ المَاءِ إِلَيْهَا، وَالأَظْهَرُ أَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَى الزَّرْعِ، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّهُ لاَ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ كَمَا لا يُحْتَاجُ إلَى السُّكُونِ في الدَّارِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقصودُ الفَصْلِ الكلامُ في أنَّ إحياءَ المَوَاتِ ماذا؟ وكان ذكرُهُ في مسائِلِ "الإحْيَاء" أوْلَى، لكن كأنَّهُ غفل عنه هناك، ولم يكن إلَى إهْماله سبيلٌ، فاستدركه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015