وَالرُّقُومَ المَرْسُومَةَ بالحُمْرَةِ (?) فَوْقَ الكَلِمَاتِ، فَالمِيمُ عَلاَمَةُ مَالِكٍ، وَالحَاءُ عَلاَمَةُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالزَّايُ عَلاَمَةُ المُزَنِيِّ فَاستُدِلَّ بِإثْبَاتِ هَذِهِ العَلاَمَاتِ فَوْقَ الكَلِمَاتِ عَلَى مُخَالَفَتَهمْ فِي تِلكَ المَسَائِلِ، وَبالوَاو بِالحُمْرةِ فَوْقَ الكَلِمَةِ عَلَى وَجْهٍ أَوْ قَوْلٍ بَعِيدٍ مُخَرَّجٍ لِلأَصْحَابِ، وَبِالنَّقْطُ بَيْنَ الكَلِمَتَينِ، عَلَى الفَصْلِ بَينَ المَسْأَلَتَينِ، كُلُّ ذَلِكَ حَذَراً مِنَ الإِطْنَابِ، وَتَنْحِيَةً لِلقِشرِ عَنِ اللُّبَابِ، فَتَحَرَّرَ الكِتَابُ مَعَ صِغَر حَجمِهِ، وَجَزَالَةِ نَظْمِهِ، وَبَدِيعِ تَرْتِيبِهِ، وَحُسْنِ تَرْصِيعِهِ وَتَهذِيبِهِ، حَاوِيًا لِقَوَاعِدِ المَذهَبِ مَعَ فُرُوع غَرِيبَةِ، خَلاَ عَنْ مُعْظَمِهَا المَجمُوعَاتُ البَسِيطَةُ، فَإِنْ أَنْتَ تَشَمَّرْتَ لِمُطَالَعَتِهَا، وَأَدْمَنْتَ مُرَاجَعَتَهَا، وَتَفِطَّنْتَ لِرُمُوزِهَا وَدَقَائِقَهَا، المَرْعِيةِ في تَرْتِيبِ مَسَائِلِهَا، اجْتَزَأتُ بِهَا عَنْ مُجَلَّدَاتِ ثَقِيلَةٍ، فَهِيَ عَلَى التَّحْقِيقِ إِذَا تأمَلْتَهَا قَصِيرَةٌ عَنْ طَوِيلَةٍ، فَكَم مِن كَلِم كَثِيرَةٍ فَضلَتْها كَلِمُ قَلِيلَةٌ، فَخَيْرُ الكَلاَمِ مَا قَلَّ وَدَلَّ وَمَا أَمَلَّ، فَنَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، أَنْ يَدْفَعَ عَنَّا كَيدَ الشَّيْطانِ إِذَا أسْتَهْوَيَ وَاسْتَزَلَّ، وَأَنْ لاَ يَجعَلَنَا مِمَّنْ زَاغَ عَنِ الحَقِّ وَضَلَّ، وأَنْ يَعفُوَ عَمَّا طَغَى بِهِ القَلَمُ أَوْ زَلَّ، فَهُوَ أَحَقُّ مَنْ أَسْدَى إِلَى عِبَادِهِ سُؤْلَهُمْ وَأَزَلَّ.
قال الرافعي: أما ديباجةُ الكتاب فلا يتعلق بشرحها غرضٌ، ولكن من شرطك أن تطالعها وتعرف منها غاية (?) حجة الإسلام رحمه الله تعالى، بالرموز التي قصد أن يُسَمِّ بها الكلمات (?) إشعارًا بالأقوال والوجوه ومذاهب سائر الأئمة، وتتبين أنه ليس للشارح إهمالها على غزارة فائدتها، فإنها لا تعطى إلا معرفة خلاف في المسألة، فإما كفايته (?) وإطلاقه وتفصيله (?) فلا، ولذلك نجد أكثر النسخ عاطلة عنها في معظم المسائل ونحن لا نلتزم الوفاء بها، فإن اختلاف العلماء فن عظيم لا يمكن جعله علاوة كتاب، ولكن نتعرض منها لما هو أهم في عرض الكتاب ويستدعيه لفظه وبالله التوفيق.