قال فى "التهذيب": وَالبَيْعُ التي للنَّصَارَى في دار الإسلام، فلا تُمْلَكُ عليهم، فإن فَنُوا فهي كما لو مات ذميٌّ [في دار الإسلام] (?) ولا وارث له، فيكونُ فَيْئاً.
ونعود بعد هذَا إلَى ما يحتاج إلى التعرُّض له في لفظ الكتاب.
قوله: "والمواتُ كلّ مُنْفَكِّ عن اختصاص" لا يعني به جميع الاختصاصات، فإنَّ بقعة ما لا ينفكُّ عن جميع الاختصاصاتِ؛ لأنَّها إن كانتْ في دار الإسْلاَم، فله اختصاصٌ بالمسلمين من حيث إنَّها في قبْضَة الإمام، وإنْ كانتْ في دَارِ الحرب، فكذلك، وإنَّما. أراد الاختصاصاتِ السِّتَّةَ الَّتِي ذكَرَها ثم أخذ الانفكاك عنْها في تعيين (?) الَمَوَاتِ بخلاف اصطلاح الأصحاب واستعمالاتِهِمْ، فإنَّهم لا يعتَبِرُون في تفسيره إلاَّ الانْفِكَاك عنِ الملك والعِمَارة، ويَجْعَلُون الانفكاكَ (?) عن سائر الاختصاصاتِ منْ شُرُوط التَمَلُّك بالإحْيَاء. وقوله: "فلا يتمَلَّكُ معمور" لم يُرِدْ به ما هو معمورٌ في الحال؛ لقوله: "وإن اندرسَتِ العمارةُ"، وإنَّما المرادُ ما عرضت له العمارةُ في الجُمْلَة، ويجوزُ أنْ يُعْلَم بالواو؛ لأنَّهُ لم يستثْنِ إلاَّ إذا كانتِ العمارةُ جاهليةً وأجاب المنْعِ في غيرها عَلَى ما هو ظاهرُ المذْهَب، وقد عرَفْتَ أنَّ بَعْضَهُم طَرَدَ الخلاَفَ فيما إذا كانَتِ العمارةُ إسلاميَّةً، و [قد]، اندرسَتْ، ولم يعلم المالك.
وقوله: "ولم يظهر أنها دخلَتْ في يد المسْلِمين إلى آخره أراد به ما حكَيْناه عن الإمام من تخْصِيصِ القَوليْن فيما إذا لم يعلم كيفية دخولِها في يد المُسْلِمين، ويجوز إعْلامُ قوله: "قولان" بالواو؛ للطريقة التي تولت الجوابَيْن على الحالَيْن، وقوله في توجيه القولَيْن: "لتعارُضِ أصل الإباحةِ وظاهر استيلاء المسلمين علَيْه" فيه شيءٌ وذلك لأنَّ المسألة موضوعةٌ في العمارةِ الجاهليَّةِ الَّتِي هي دار الإسلام،. وقبضة الإمام؛ ألا تراه يقول: ولم يَظْهَر أنَّها دخلَتْ في يدِ المسلمينِ بطريقِ الغنيَمةِ أو الفَيْءِ، وجعْل المجهول كيفيَّة دخولِها في يد المسلمين.
أمَّا أَصْلُ الدُّخولِ، فهو معلومٌ، وحينئذٍ، فقوله: "وظاهر استيلاء المسلمين عليه" إن أراد به استيلاء اليَدِ والتمكُّنِ من التصرُّف، فليس ذلك ظاهراً، بل هو حاصلٌ معلومٌ، وإن أراد استيلاء التملُّك والعمارة، فظهوره ممنوعٌ، وكيف والمسألة مصوَّرةٌ فيما إذا عَلِم أنَّها لم تُعمَّرْ إلاَّ عمارة جاهليَّةً.
وقوله: "ومعمور دار الحرب لا يُمْلَكُ إلاَّ بما تُمْلَكُ به سائرُ أموالِهم" يقتضي تملكه بما يتملَّك به سائِر أمْوالِهم فَيْئاً كان أو غنيمةً.