المقصودُ، ويخالف ما إذا استأجرَه ليحج عنه فأتى ببعض الأعْمَال، ومات حيث يستحق من الأُجْرَة بقدر ما عمل في أحدِ القولين، وفرقوا بينهما من وجهين:

أَحَدُهُمَا: أنَّ المقصود من الحج الثوابُ، وقد حَصَلَ ببعض العمل بعض الثواب، وهاهنا لم يحصل شيئاً من المقصود.

والثاني: أنَّ الإجارَةَ لازمةٌ تَجِبُ الأُجْرَة فيها بالعَقْد، وتستقرُّ شيئاً فشيئاً، والجعَالة جائزةٌ لا يثبت شيْءً فيها إلاَّ بالشَّرْط، ولم يوجَدْ، وإذا ردَّ الآبق، لم يكن له حبسه إلى استيفاء الجُعْل؛ لأنَّ الاستحقاقَ بالتسليم، ولا حبس قبل الاستحقاق.

ولو قال: إنْ علَّمتَ هذا الصبيِّ أو علَّمْتَني القرآنَ، فلك كذا، فعلَّمه البعْضَ، وامتنعَ منْ تعليم الباقي، فلا شيءَ له، وكذا لو كان الصبيُّ بليداً لا يتعلَّم كما لو طلب العَبْدَ، فلم يجدْه، ولو مات الصَّبِىُّ في أَثناء التعليم، استحقَّ الأجرة لما علَّمه لوقوعه مَسلَّماً بالتَّعْلِيم؛ بخلافِ ردِّ الآبق، فإنْ تسلَّم العمل بتسليم الآبِق، وهَهُنَا، ليْسَ علَيْه تسْلِيم الصَّبيِّ، ولا هو في يدَهِ، وإن منعه أبُوه منَ التَّعليم، فللمعلِّم أُجْرَةُ المِثْل لما علَّم، قاله في "الشامل".

وقوله "ووجوب استحقاق الأجْرَة" أراد بالأجْرَةِ الجُعْلَ، لما بينهما من التفاوُت.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وإِنْ أَنْكَرَ المَالِكُ شَرْطَ أَصْلِ الجُعْلِ، أَوْ شَرْطَهُ فِي عَبْدٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ سَعْى الْعَامِلِ في الرَّدِّ فَالقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ تَنَازَعَا في مِقْدَارِ الجُعْلِ تَحَالَفَا وَالرُّجُوعُ إِلَى أُجْرَةِ المِثْلِ.

قالَ الرِّافِعِيُّ: إذا جاء بَعبْدِه الآبِقِ، وطالبه بالجُعْلِ، فقال: ما اشترطْتُ جُعْلاً، أو قال: شرطْتُهُ عَلَى عَبْدٍ آخر، لا على هذا العَبْد، ولو قال: ما سَعَيْتَ في ردِّه، وإنَّما عادَ العَبْدُ بِنَفْسِهِ، فالقول قولُ المالك؛ لأنَّ الأصْلَ عدمُ الشرطِ والردِّ.

ولو اختلَفا في القدْرِ المشروطِ (?)، تحالَفا، وللعامل أُجْرَةُ المثل (?)، كما لو اختلفا في الإجارة، وكذا لو قال المالِكُ: شرطَّتُ الجُعْلَ عَلَى ردِّ عبدين، فقال العاملُ: بل على ردِّ الذي ردَدتَّ.

فروع:

الأوَّل: لوْ قَال: مَنْ ردَّ عبْدي إلَي شَهْرٍ، فله كذا. فعن القاضي أبي الطيِّب: أنَّه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015