القِسْمُ الثَّانِي: البيْعُ من غيْر المستأْجِر، وفيه قولان:
أَصَحُّهُمَا عند الأكثرين: أنَّهُ صحيحٌ (?)، وبه قال مالك وأحمد رحمهما الله لأن الإجارة إنَّما تردُّ على المنفعة، فلا تمنع بيْع الرقبة كالتَّزْويج.
وأصحُّهما عند الشيخ أبي عليٍّ بطلانُهُ؛ كبيع المرهون مِنْ غَيْر المرتهن؛ لأنَّ يد المستأجر حائلةٌ، وهما جاريان أذن المستأجر أو لم يأْذِن قاله في "التتمة".
وعند أبي حنيفةَ: ينعقد البيعُ؛ موقوفاً عَلَى إجازة المستأجر، فإن إجازة، نفذ، وبطلَت الإجارة، وإنْ ردَّ، بطل.
وإذا قلنا: بالصحة لم تَنْفَسِخ الإجارة كما لا ينفسخُ النكاحُ بِبَيْعِ الأمةِ المزوَّجة، ويترك في يد المُسْتَأْجر إلى انقضاءَ المُدَّة، وللمشتَرِي فسْخُ البيع، إن كان جاهلاً، وإن كان عالماً، فلا فَسْخ له، ولا أجرة لتلْكَ المدة، وكذا لو كان جَاهِلاً وأجاز، ذكره في "التهذيب" ويُشْبِه أن يكونَ على الخلاف في مدَّة بقاء الزرع، إذا باع أرضاً مزروعةً، ولو وَجَدَ المستأجر به عَيْباً، أو فَسَخ الإجارة أو عرض ما تنفسِخُ به الإجارةُ، فمنفعةُ بقيَّة المدَّة لمن تكون؟ فيه وجهان:
أحدهما، وهو جواب ابن الحدَّاد، للمشتري؛ لأن الشراء يقْتَضِي استحقاق الرقبة والمنفعة جميعاً، إلاَّ أن الإجارة السابِقَةَ كانَتْ تمنع منْه، فإذا انفسخَتْ، خلُص المالُ له بحقِّ الشراء، وهذا كما إذا اشترى جارية مزوَّجة، وطلَّقها زوْجُها تكونُ منفعةُ البُضْعِ للمشتري، ولَيْسَ للبائع الاستمتاع بها، ولا تَزَوُّجها من الزَّوْج المُطَلَّق.
والثاني، وبه قال أبو زيد: للبائع لأنه لم يملك المشتري منافعَ تلْك المُدَّة، وبَنَى