قال في "التَّهذيب": وإنمَّا يجوز إجارته مدَّة لا تتحقَّق وجود الصفة فيها، فإن تحقَّقَ، فهو كإجارة الصبىِّ مدةٌ يتحقق بلوغُه فيها (?). وكتابة العَبْدِ المأذون جائزةٌ عند ابن القَطَّان، وغيرُ جائزةٍ عند القاضي ابْنِ كج (?)؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه التصرُّف لنفسه، فإن جوَّزناه، عاد الخلافُ في الخيار، وفي الرجُوع على السَّيِّد (?).

وقوله في الكتاب في المسألة الأُولى "فالأقيس الانفساخ"، وفي المسألة الثانية "فالأقيس أنه لا ينفسخ" وجه افتراقِهِما في القياسِ أنَّ البطْنَ الأوَّل لا يلي أمر الثاني، وإنَّما هو متصرِّفٌ لنفسه، فإذا جاوَزَ حقَّه، فالقياسُ البُطْلان، وفيما إذا بلغ الصبيُّ بالاحتلام، فالوليُّ عاقد للصبىِّ مراعٍ لمصلحته، فالقياسُ إمضاء تصرُّفه، كما إذا أجر المتولِّي، وفي لقطة "الانفساخ" في المسألتين مناقشةٌ ذكرناها، وأمَّا في مسألة إعتاق العبد المكْري، فلا مناقشة فيها.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ المُسْتَأْجَرَةَ مِنَ المُسْتَأْجِرِ صَحَّ وَلَمْ يَنْفَسِخِ الإِجَارَةُ عَلَى الأَصحِّ (و) فَيَسْتَوْفي المَنْفَعَةَ بحُكْم الإِجَارَةِ، وَكذَلِكَ يَصِحُّ لِلمُسْتَأْجِرِ إِجَارَةُ الدَّارِ مِنَ المَالِكِ كَمَا يَصِحُّ مِنَ الأَجْنَبيَ، وَقِيلَ: إنَّ الإِجَارَةَ وَالمِلْكَ لاَ يَجْتَمِعَانِ كَالنّكَاحِ والمِلكِ، وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ مِنْ غَيْرِ المُسْتَأْجِرِ صَحَّ (و) البَيْعُ في أَقْيَسِ الوَجْهَيْنِ وَاسْتَمَرَّتِ الإِجَارَةُ إلَى آخِرِ المُدَّةِ، وَفِي اسْتِثْنَاءِ المَنْفَعَةِ عَنْ بَيْعِ الرَّقَبَةِ شَرْطاً خِلاَفٌ (و) مَأْخُوذٌ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ المُسْتَأْجَرِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا باع العَيْن المستأجَرَةَ، فإمَّا أن يبيعَهَا من المُسْتأْجِرِ، أو غَيْرِهِ.

القِسْمُ الأَوَّلُ: البَيْعُ من المستأْجِرِ، وهو صحيحٌ؛ لأن الملْكَ في الرقبة خالصُ حقِّه، وعقْد الإجارة إنَّما ورد على المَنْفَعَة، فلا يُمْنَعُ منْ بيْع الرَّقَبة كما أن تزويجَ الأمة لا يَمْنَعُ من بَيْعها، ثم في الإجارة وجهان:

أحدهما: وبه قال ابن الحَدَّادَ أنَّهَا تنْفَسِخ؛ لأنَّه إذا ملك الرَّقَبَة، حدَثَت المنافعُ عَلَى ملكه تابعةً للرقبة، وإذا كانَتِ المنافعُ مملوكةً له، لم يبْقَ عقد الإجارة علَيْها، كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015