فِي البَيعِ، وَإنْ فَسَخَ رَجَعَ إِلَى أُجْرَةِ البَاقِيَ واسْتَقَرَّ مَا اسْتَوْفَاهُ علَى الأَصَحِّ (و)، وَيُوَزَّعُ المُسُمَّى عَلَى المُدَّتَيْن بِاعْتِبَارِ القِيمَةِ لاَ باَعْتِبَارِ المُدَّةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه ثَلاَثُ مَسَائِلَ:
إحْدَاها: الإجارةُ لا تُفْسَخ بالأعْذَار، سواءٌ كانت إجارة عيْن، أو في الذمَّة، وذلك كما إذا استأْجر دابَّةً لِلسَّفَر عليها، فمرض أو حانوتاً لحرفة فندم، أو هلكت آلاتُ تلك الحرْفة، أو حماماً فتعذَّر عليه الوَقُود، وبهذا قَالَ مَالِكُ وأحمد، وقال أبو حنيفة رضي الله عنهم يَثْبُت الفَسْخُ بهذه الأعذار وَنَحْوِها، وسلَّم أنَّه لو ظهر للمُكْرِي عذْرٌ كما لو مَرِض وعَجَزَ عن الخُرُوج مع الدوَابِّ التي آجرها، أو أكرى داره، وأهلُهُ مسافرون، فعادوا، أو لم يكنْ متأهِّلاً، فتأهَّلَ؛ أنَّه لا يثبت الفسخ، فيقاسَ عليه ما سلم، وأيضاً، فإنَّ الإجارة عَقْدٌ لا يفسخ بغَيْر عذْر، فلا يفسخ بعذْر من غير المعْقُود عَليْه؛ كالبيع (?).
الثانية: إذا اكترى أرضاً للزِّراعة، فزَرَعها، فهلك الزَّرْع لجائِحةٍ مِنْ سيل، أو جَرَادٍ، أو شدَّة حَرٍّ، أو برْدٍ، أو كثرةِ مطَرٍ، لم يكن له الفسْخُ، ولا حطُّ شيْءٍ من الأجرة؛ لأن الجائحة لحِقَت مال المكْتَرِي لا منفَعَةَ الأرْض، فأشْبَه ما لو اكترى دُكَّاناً، لبَيْع البَزِّ، فاحترق بزُّه، لا تنفسخ الإجارة في الدُّكَّان.
ولو فسَدَتِ الأرضُ بجائحةٍ، أَبْطلَتْ قوَّةَ الإنبات في مدَّة الإجارة، قال في الكتاب: "يثبُتُ الردُّ" ومفهومه أنه عيْبٌ موجِبٌ للخيار، لكنَّ هذا الفساد مفوِّت للمنفعة بالكلِّية، فليكنْ كفوات الأرْضِ بغَرَقٍ، أو رمْلٍ، وسنذكُرُه في الفصْل الذي يلي هذا الفصْلَ، وقد بيَّن ذلك في "الوسيط" فقال: ينفسخُ العقْدُ في المدَّة الباقية، ثمَّ إنْ كان فسادُ الأرْض بعْد فساد الزَّرْع، فعين الإمام فيه احتَمَالاَن قال في "الوسيط" الظَّاهر أنَّه لا يستردُّ شَيْئاً؛ لأنَّه بقيتْ صلاحيَّةُ الأرض وقُوَّتها, لم يكنْ للمستأجر فيها فائدةٌ بعْد فوات الزرع.
والثّاني: يسترد؛ لأنَّ بقاء الأرض (?) عَلَى صنفتها مطلوبٌ، فهذا خرجَتْ عن أن