كِتَابُ الإِجَارَةِ

الباب الأول في أركان صحتها

قال الغزالي: وَفِيهِ ثَلاثةُ أَبْوَابٍ: البَابُ الأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ صَحَّتِهَا وَهِيَ بَعْدَ العَاقِدَيْنِ ولاَ يُخّفِي أَمْرُهُمَا ثَلاَثةٌ الأَوَّلُ الصِّيغَةُ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ: أَكْرَيْتُكَ الدَّار أَوْ أَجَّرْتُكَ فَيَقُولُ: قَبِلْتُ، وَيَقُومُ مَقَامَهُمَا (و) لَفْظُ التَّمْلِيكِ وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يضِيفَ إلَى المَنْفَعَةِ فَيَقُولَ: مَلَّكْتُكَ مَنْفَعَةَ الدَّارِ شَهْراً، وَالظَّاهِرُ (و) أَنَّ لَفْظَ البَيْعِ لاَ يَقُومُ مَقَامَ التَّمْلِيِكِ لأنَّهُ مَوْضُوعٌ لِمِلْكِ الأَعْيَانِ.

قال الرافعي: نفتتح الباب بمقدمات:

إحداها: أنه سيعمل في هذا العقد لفظتان:

إحداهما: الإجارة، وهذا اللفظة وإن اشتهرت في العقد، فهي في اللغة اسم للأجرة، وهي كراء الأجير وذكر "ابن الصباغ" (?) في "الشامل" أنه يقال لها: إجارة أيضاً -بالضم- ويقال: استأجرت دار فلان، وأجر لي داره ومملوكه يؤجرها إيجاراً، فهو مؤجر وذاك مؤجر، ولا يقال: مؤاجر ولا آجر.

أمَّا المؤاجر فهو من قولك: أجر الأجير مؤاجرة كما يقال: زارعه وعامله، وآجر هذا "فاعل" وإجر داره أفعل فاعل، ولا يجر منه مفاعل.

وأمَّا الأجر فهو فاعل من قولك: أجره يأجره ويأجيره ويأجره أجرًا إذا أعطاه أجراً، وقولك: أجره يأجره إذا صار أجيراً له.

وقوله تعالى: {عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ} [القصص: 27] فسره بعضهم بالمعنى الأول، فقال: تعطيني من تؤويجي إياك رعي الغنم هذه المدة، وبعضهم بالثاني فقال تصير أجرى وإذا استاجرت عاملة لعمل فأنت آجر بالمعنى الأول؛ لأنَّك تعطي الأجرة، وهو أجر بالمعنى الثاني؛ لأنّه يصير أجيراً لك، وأجره إليه لغة في آجره، أي: أعطاء أجره، ولأجير فعيل بمعنى مفاعل، كالجليس والنديم، هذا تلخيص ما ذكره أئمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015