وعن جَابِرٍ وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (نَهَى عَنِ المُخَابَرةِ) (?) وأما المزارعة، فعن رواية ثابت بن الضَّحَّاَك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (نَهَى عَنِ المُزَارَعَةِ) (?).
وقال كثيرون: لم يرد فيها نهي، لكنها شبهت بالمخابرة فأبطلت، وساعدنا على إبطال المخابرة والمزارعة معاً مالك وأبو حنيفة، وأبطل أحمد المخابرة، دون (?) المزارعة، فيجوز أن يعلم لذلك قوله في الكتاب: "ولا يجوز هذه المعاملة عليه" كذلك بالواو؛ لأن ابن سريج فيما حكاه المسعودي جوز المزارعة (?).
إذا تقرر ذلك فمهما أفردت الأرض مخابرة، أو مزارعة، فالعقد باطل، ثم إن كان البذر للعامل، فالريع له، وللعامل أجرة مثل عمله، وأجرة مثل الآلات والثيران إن كانت له؛ وإن كان البذر للعامل فالريع له ولمالك الأرض أجرة مثل الأرض على العامل، وإن كان البذر بينهما فالريع بينهما ولكل واحد منهما على الآخر أجرة مثل ما انصرف من المنافع المستحقة له إلى جهة المزارعة، وإذا أراد أن يكون الزرع بينهما على وجه مشروع من غير أن يرجع أحدهما على الآخر شيء، نظر إن كان البذر بينهما، والأرض لأحدهما، والعمل والآلات للثاني، فعن الشَّافعي -رضي الله عنه- أن صاحب الأرض يعير نصف أرضه من العامل، ويتبرع العامل بمنفعة بدنه ومنفعة الآته، فيما يتعلق بصاحب الأرض. وقال المُزَنِيُّ: يكري صاحب الأرض نصف أرضه من العامل بعشرة مثلاً، ويكري العامل ليعمل على نصيبه بنفسه والآته بعشرة، ويتقاصَّان.