والفرق أن الربح وقاية لرأس المال عن الخسران، فلا يملك الربح حتى يسلم رأس المال عن الخسران المحوج إلى الجُيْران، والثمار ليست وقاية للأشجار (?).
قال الغزالي: وَلِلأَشْجَارِ ثَلاَثُ شَرَائِطَ: الأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ نَخِيلاً أَوْ كَرْماً، وَفِيمَا عَدَاهَمُا مِنَ الأَشْجَارِ المُثْمِرَةِ قَوْلاَنِ، وَكُلُّ مَا يَثْبُتُ أَصْلُهُ فِي الأَرْضِ فَشَجَرٌ إِلاَّ البَقْلَ (و) فَإِنَّهُ يَلتْحِقُ بِالزَّرْعِ وَالبِطِّيخِ وَالبَاذِنْجَانِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ وَأَمْثَالِهِ.
قال الرافعي: المُسَاقاة على النخل وردت بها السُنَّة والكَرْم في معناها.
وأما غيرها من أنواع النبات، فينقسم إلى ماله سَاقٌ وإِلى غيره.
القسم الأول: ماله ساق، وهو على غربين: الأول ماله ثمر كالتين والجوز واللوز والمشمش والتفاح ونحوها، وفيها قولان:
القديم وبه قال مَالِكٌ وأحمد: أنه تجوز المساقاة عليها للحاجة عليها كالنخل والكرم، وأيضاً فقد روي أنه-صلى الله عليه وسلم -: (عَامَلَ أَهْلَ خَبْيَرَ بِالشَّطْرِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ) (?) والجديد: المنع؛ لأنها أشجار لا زكاة في ثمارها، فأشبهت الأشجار الواقعة في الضرب الثاني، وتخالف النخيل والكرم؛ لأن ثمارها لا تكاد تحصل إلاَّ بالعمل وسائر الأشجار يثمر من غير تعهد وعمل عليها، ولأن الزكاة تجب في ثمرتها، فجوزت المساقاة سعياً في تثميرها ليرتفق بها المالك والعامل والمساكين جميعاً، ولأن الخرص يتأتى في ثمرتها لظهورها وتدلي عنها قيدها، وثمار سائر الأشجار تنتشر وتستتر بالأوراق، فإذا تعذر الخرص تعذر تضمين الثمار للعامل، وربما لا يثق المالك بأمانته فإذًا تجويز المساقاة عليها أهم، وفي شجر المُقل وجهان تفريعاً على الجديد.
عن ابن سُرَيْجٍ تجويز المُسَاقاة عليها تخريجاً لظهور ثمرتها.