وحكى عن تعليق القاضي: أنه يستحب الاستيعاب كما في مسح الرأس، وأما قوله: "الغسل وَالتَّكرار مكروهان" فإنما يكره الغسل؛ لأنه تعييب للخُفِّ بلا فائدة، وكذلك التَّكرار يوجب ضعف الخف وفساده وهذا المسح رخصة مبنية على التَّخْفيف.

ولك أن تعلم قوله: "فمكروهان" بالواو، وأما في الغُسْلَ، فلأن القول بالكراهة مبني على أن الغسل جائز قائم مقام المسح في صحة الوضوء، وفيه وجه: أن الغسل لا يجزئ كما ذكرنا في مسح الرَّأس إلا أنه مكروه، وأما في التَّكْرار فلأن القاضي أبا القاسم بن كج حكى وجهاً أنه يستحب فيه التَّكرار ثلاثاً، كما في مسح الرَّأْس (?).

قال الغزالي: النَّظَرُ الثَّالِثُ فِي حُكْمِهِ وَهوَ إِبَاحَةُ الصَّلاَة إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ أَوْ نَزْعِ الخُفِّ، وَمُدّتُهُ لِلْمُقِيمِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ (م و) وَلِلْمُسَافِرِ ثَلاَثةُ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ الحَدَثِ فَلَوْ لَبِسَ المُقِيمُ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ الحَدَثِ أَتَمَّ مُدَّةَ المُسَافِرِينَ، وَكَذَا لَوْ أَحْدَثَ فِي الحَضَرِ، فَإِنْ مَسَحَ فِي الحَضَرِ (ح ز) ثُمَّ سافَرَ أَتَمَّ مَسْحَ المُقِيمِينَ (ح) تَغْلِيباً لِلإِقَامَةِ، وَلَوْ مَسَحَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَقَامَ لَمْ يَزِدْ (ز) عَلَى مُدَّةِ المُقِيمِينَ وَلَوْ شَكَّ فَلَمْ يَدْرِ أَنُقِضَت المُدَّة أَوْ مَسَحَ فِي الحَضَرِ، فَالأَصْلُ وُجُوبُ الغَسْلِ وَلاَ يُتْرَكُ مَعَ الشَّكِّ.

قال الرافعي: يباح بالوضوء الذي مسح فيه على الخُفَّين الصلاة وسائر ما يفتقر إلى الطَّهارة ومد صاحب الكتاب ذلك إلى إحدى غايتين إما قضاء مدة المسح وإما نزع الخف وفي معناه تفرقه فأما الغاية الأولى وهي مضي المدة فتعرف بمعرفة مدته، وهل يتقدر المسح بمدة أم لا؟ فيه قولان قال: في القديم: لا.

وبه قال مالك لما روى عن خزيمة قال: "رَخَّصَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لِلْمُسَافِرِ أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015