وإنما جوزت المُسَاقاة للحاجة من حيث إن مالك النخيل قد لا يحسن تعهدها، ولا يتفرغ له، ومن يحسن العمل قد لا يملك ما يعمل فيه، وهذا المعنى موجود في الِقَراض. ثم كلام الكتاب مندرج في ثلاثة أبواب:

أحدها: فيما يعتبر لصحّة هذا العقد، وما يعتبر تارة يعتبر في رأس المال، وتارة في العمل، وأخرى في صفة العقد، وأخرى في العاقدين، فسمى هذه الأمور أركانًا، وبَيَّنَ ما يشترط في كل واحد منها.

والثاني: في إحكامه إذا صح.

والثالث: فيما إذا انفسخ العقد بفسخٍ وغيره ما حكمه؟ وفيما إذا اختلفا في كيفية جريان العقد بينهما كيف يفصل الأمر؟

أما الباب الأول: فالركن الأول منه رأس المال، وله شروط:

أحدها: أن يكون نقدًا، وهو الدراهم والدنانير المضروبة، وفيه معنيان:

أحدهما: أن القراض معاملة تشتمل على إغرار، إذ العمل غير مضبوط، والربح غير موثوق به، وإنما جوزت للحاجة، فتختص بما تسهل التجارة عليه، وتروج بكل حال (?). وأشهرهما: وهو المذكور في الكتاب أن النقدين ثمنًا لا يختلفان بالأزمنة والأمكنة إلاَّ قليلًا ولا يقومان بغيرهما، والعروض تختلف قيمتها، فلو جعل شيء منها رأس المال لزم أحد الأمرين.

أما أخذ المالك جميع الربح، أو أخذ العامل بعض رأس المال، ووضع القراض على أن يشتركا في الربح، وينفرد المالك برأس المال، ووجه لزوم أحد الأمرين: أنهما إذا جعلا رأس المال ثوبًا، فإما أن يشترطا رد ثوب بتلك الصفات أو رد قيمته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015