وعلى ما ذكره الإمام الحكم في المسألة غير ما احتج به جزماً، فلا يصح الاحتجاج به أصلاً، ولكن الذي ذكره مبني على أن الجديد هو التوزيع على الحصص.
والأكثرون عكسوا ذلك، وقالوا: القولان معاً منصوصان في "الأم"، والقديم منهما هو التوزيع على الحصص، ولذلك اعترضوا على ابْنِ القَاصِّ، ومن أثبت قول التوزيع في المسألة تفريعاً على ثبوت الشفعة للأخ والعم جميعاً بأن الشفعة إنما ثبتت لهما في الجديد.
وفي الجديد التوزيع على عدد الرؤوس فلا يجيء فيهما إلاَّ قولان: التخصيص بالأخ، والتسوية بينهما، ذكر هذا الاعتراض القَفَّالُ في كثير من الأئمة.
وأما المسألة الثانية: فمن قال فيها بالقولين، قال: الذي ذكرناه أحد القولين، وسقط الآخر، ومن قطع فيهما بالتفاوت اختلفوا، فمنهم مَنْ لم يثبت ما نقله المُزَنِيُّ.
ومنهم من حمله على التسوية في أصل الاستحقاق دون المقدار المستحق.
وقوله في الكتاب: "والجديد على أنه على قدر الحِصَصْ معلّم -بالحاء والزاي- وجعل هذا القول جديداً اتباعاً لما ذكره الإمام، وفيه ما ذكرنا عن الأولين، وكأنهم لما رأوا القولين منصوصين في الجديد، وأحدهما وهو التوزيع على الحصص منصوصًا في القديم، رأوا اسم الجديد مما يقابل القديم أحق فخصصوه به.
المسألة الثانية: دار بين اثنين مناصفة باع أحدها نصف نصيبه من إنسان، ثم باع النصف الثاني من آخر، فالشفعة في النصف الأول تختص بالشريك القديم، ولا يخلو الحال إما أن يعفو عنه، أو يأخذه، إن عفا فهل يشاركه المشتري الأول في النصف الثاني؟.
فيه وجهان:
أحدها: لا؛ لأن الشريك القديم مسلّط على ملكه، فكيف يزاحمه به.
وأصحهما: نعم؛ لأن ملكه قد سبق الصفقة الثانية، واستقر بعفو الشريك القديم، فيستحق به. وقطع قاطعون بهذا الوجه. إذا قلنا به فيأخذان بالسوية، أم بحسب الحصتين؟. فيه القولان السابقان.
وإن أخذ الشريك القديم النصف الأول، ففي مشاركة الأول إياه في النصف الثاني وجهان، أيضاً قربوهما من الخلاف فيما إذا باع الشفيع ملكه، وهو جاهل بالشفعة، هل يبقى له الحق؛ لأنه زال ملكه هاهنا بالقهر، كما زال هناك بالجهل.
والأصح: أنه لا يشاركه، وقطع به بعضهم.