الشَّرِيكَ القَدِيمَ فِي أَخْذِ مَضْمُونِ الصَّفْقَةِ الثَّانِيَةِ وَمِلْكُهُ فِي نَفْسِهِ مُعَرَّضٌ لِلنَّقْضِ ثَلاَثةُ أَوْجُهٍ: يُفَرِّقُ في الثَّالِثِ بَيْنَ أنْ يَأْخُذَ القَدِيمُ نَصِيبَهُ فَلاَ يُسَاهِمَهُ (ح) أَوْ يَعْفُو عَنْ صَفْقَتِهِ فَيَسْتَقِرَّ شَرِكَتَهُ فَيُسَاهِمَ فِيهِ.

قال الرافعي: الكلام في هذا الطرف ينحصر في ثلاثة أمور:

الأول: أن يتفق الشركاء على الطلب.

والثاني: أن يطلب بعضهم ويعفو بعضهم.

والثالث: أن يحضر بعضهم، ويغيب بعضهم، وسبيل ضبطها إما أن يكون كلهم حضوراً أو لا يكون كذلك.

إن كان الأول فأما أن يتفقوا على الطَّلب، وهو الأمر الأول، أو على الترك وشانه هين، أو يطلب بعضهم، ويترك البعض، وهو الثاني.

وإن كان الثَّاني، فأما إن كانوا غائبين جميعاً، وهو متروك لوضوحه، أو كان بغضهم غائباً والبعض حاضراً وهو الثالث.

أما الأول فتقدم عليه أن تعدُّد المستحقين للشفعة قد يكون ابتداء، بأن كانت الدار مشتركة جماعة، فباع أحدهم نصيبه، فتثبت الشفعة للباقين، وقد يحصل في الدوام بأن يكون الاستحقاق لواحد، فمات، تثبت الشفعة لورثته.

وعند أبي حَنِيفَة وأحْمَدَ حق الشفعة لا يورث.

لنا قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَكَ حَقَّا فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ (?) " وأنه حق لازم مالي، فأشبه بالرد بالعيب. إذا تقرر ذلك، ففي الفصل مسألتان:

إحداهما: أن المستحقين للشفعة إذا تساوت حصصهم، كدار بين ثلاثة أثلاثاً فيأخذ الشَّقْص بالسوية، وإن تفاوتت حصصهم، كما إذا كان لأحد الثلاثة نصفها، وللثاني ثلثها، وللثالث سدسها، فباع صاحب النصف نصيبه فقولان:

أصحهما: وبه قال مَالِكٌ: أن الشفعة على قدر الحصص، فيقسم النصف بينهما أثلاثاً؛ لأن الشفعة من مرافق المِلْك، فيقدر بقدر الملك، ككسب العبد المشترك، والنِّتاج، والثمار.

والثاني: وبه قال أبُو حَنِيْفَةَ، واختاره المُزَنِيُّ: أنها على عدد الرؤوس، فيقسم النصف بينهما بالسوية؛ لأن سبب ثبوت الشفعة أصل الشركة ألا ترى أن الشريك الواحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015