وقوله في الكتاب: "وفي بقاء الشفعة قولان" يجوز إعلامه -بالواو- لأن عن ابْنِ سُرَيْجٍ طريقة جازمة ببقاء الشفعة فيه، ذكرها في "التتمة".
قال الغزالي: وَلَوْ اشْتَرَى الشِّقْصَ بِأَلْفٍ ثمَّ حُطَّ بالإِبْرَاءِ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ بَعْدَ اللُّزُومِ فَلاَ يَلْحَقُ الشَّفِيعَ، وَإِنْ كَانَ في مُدَّةِ الخِيَارِ لَحِقَهُ عَلَى الأَصَحِّ (و)، وَإِنْ وَجَدَ البَائِعُ بِالعَبْدِ الَّذي هُوَ عِوَضُ الشِّقْصَ عَيْباً وأَرَادَ اسْتِرْدَادَ الشِّقْصَ قَبْلَ أَخْذِ الشفِيعِ فَهُوَ أَولَي بِهِ مِنَ الشَّفِيعِ في أَقْيَسِ القَوْلَيْنِ، وإِنْ كَانَ بَعْدَ أَخْذَ الشَّفِيعِ لَمْ يُنْقَضَ (و) مِلْكُ الشَّفِيعِ، وَلَكِنْ يُرْجَعُ إِلَي قِيمَةِ الشِّقْصِ، فإِنْ زَادَ عَلَى مَا بَذَلَهُ الشَّفِيعُ أَوْ نَقَصَ فَفِي التَّرَاجُعِ بَيْنَ المُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ خِلاَفٌ إِذْ صَارَتِ القِيمَةُ مَا قَامَ الشِّقْصُ بِهَا عَلَى المُشْتَرِي أَخِيراً، وَكَذا لَوْ رَضِي البائِعُ بِالعَيْبِ فَفِي اسْتِرْدَادَ الشَّفِيعِ بِهِ قِيمَةَ السَّلامَةِ مِنَ المُشْتَرِي خِلاَفٌ، وَإِنْ وَجَدَ المُشَّتَرِي بِالشِّقْصُ عَيْباً بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ لَمْ يَكُنْ (و) لَهُ طَلَبُ أَرْشٍ، فَإِنْ رَدَّ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ رَدَّ هُوَ عَلَى البَائِعِ، فإِنْ وَجدَ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ وَمَنَعَهُ عَيْبٌ حَادِثٌ فِيَ الرَدَّ فَاستَرَدَّ أَرْشاً فَهُوَ مَحْطُوطٌ عَنِ الشَّفِيعِ قَوْلًا واحِداً.
قال الرافعي: الفصل ينظم مسائل:
إحداها إذا اشترى الشِّقْصَ بألف درهم، ثم اتفق المتبايعان على حطٍّ من الثمن، أو زيادة فذلك إما أن يكون قبل لزوم العقد، أو بعده، إما في زمن الخيار أو مكانه، وحكم القسمين ما ذكرناه في البَيْعِ بالشرح، وحاصله أنه لا تلتحق الزيادة، ولا الحَطّ بالعَقْدِ بعد لزومه، ولا حط البعضَ، ولا حط الكل.
وذهب أبُو حَنِيْفَةَ إلى التحاق حطّ البعض به حتى يأخذ الشفيع بالباقي، وفيما قيل اللزوم وجهان:
أصحهما: الالتحاق، كما ذكره صاحب الكتاب هاهنا وإِن أشار في البيع إلى ترجيح المنع.
وإذا قلنا بالالتحاق، وحط كل الثمن، فهو كما لو باع بلا ثمن، وحينئذ فلا شُفْعَةَ للشريك؛ لأنه يصير هبة على رأي، ويبطل على رأي، وكُنَّا قد ذكرنا في البيع التفات الخلاف في الالتحاق إلى الخلاف في المِلْك في زمن الخيار، وعلى ذلك جرى الإمام وآخرون هاهنا فقالوا: إن قلنا: إن الخيار لا يمنع ثبوت المِلْك للمشتري، فكما يملك المشتري المبيع يملك البائع ثمنه، فينفذ تصرفه بالإبراء لمصادفته ملكه، فقال الإمام: وفيه احتمالِ؛ لأن الأصحاب ترددوا في أن إعتاق المشتري في زمن الخيار، هل ينفذ مع الحكم بثبوت الملك له لتعلق خيار البائع بالمبيع؟ فإذا ترددوا في الإعتاق مع قُوَّته لهذا المعنى جاز أن يتردد في الإبراء؛ لأن الثمن متعلّق خيار المشتري.