كان الأول، ولا شركة في الدار فلا شفعة فيها لأحد، ولا في مَمَرِّهَا؛ لأن مثل هذا الدرب غير مملوك، وإن كان الثاني، فالدرب ملك مشترك بين شركائه على ما سبق في "الصُّلْح"، فإن باع نصيبه من المَمَرِّ وحده فللشركة الشفعة فيه، إن كان منقسماً على ما عرفت معناه وإلاَّ ففيه ما مَرَّ من الخلاف، وإن باع الدار بممرها، فلا شفعة لشركاء المَمَرِّ في الدار؛ لأنه لا شركة لهم فيها، فصار كما لو باع شِقْصاً من عقار مشترك، وعقار غير مشترك.

وخرج ابْنُ سُرَيْجٍ أنها تثبت الشفعة فيها بتبعية الشركة في الطريق، وبه قال مَالِكٌ وأَبُو حَنِيْفَةَ، وقدم أَبُو حَنِيفَة الشريك في الممر على الجار الملاصق الذي ينفذ باب داره إلى درب آخر.

وظاهر المذهب الأول.

ولو أرادوا أخذ الممرّ بالشفعة، نظر إن كان للمشتري طريق آخر إلى الدار، أو أمكنه فتح باب آخر إلى شارع، فلهم ذلك على المشهور، إن كان منقسماً، وإلاَّ فعلى الخلاف في غير المنقسم.

وقال الشيخ أَبُو مُحَمَّدٍ: إن كان في إيجاد المَمِرِّ الحادث عسر أو مؤنة لها، وجب أن يكون ثبوت الشفعة على الخلاف الذي نذكره على الأثر، وإن لم يكن له طريق آخر، ولا أمكن إيجاده، ففيه أوجه:

أحدها: أنهم لا يمكنون منه؛ لما فيه من الإضرار بالمشتري، وإنما أثبتت الشفعة لدفع الضرر، فلا يزال الضرر بالضرر.

والثاني: أن لهم الأخذ، والمشتري هو المضر بنفسه، حيث اشترى منه مثل هذه الدار.

والثالث: أنه يقال لهم: إن أخذتموه على أن تمكنوا المشتري من المرور، فلكم الأخذ، وإن أبيتم تمكينه منه، فلا شفعة لكم جميعاً بين الحقين.

وإيراد الكتاب يشعر بترجيح الوجه، وإليه ذهب أبو الفَرَجِ السِّرْخَسِيُّ، لكن الأصحاب من العراقيين وغيرهم على أن الوجه أصح، بل مَرَّ نص الإمام وجماعة عبارة تخيير الشفيع، وأدوا الغرض في عبارة أخرى، فقالوا في أخذه بالشفعة وجهان:

إن أخذ ففي بقاء المرور للمشتري وجهان، وشركة مالكي بيوت الخيار في صحته، كشركة مالكي الدور في الدروب التي لا تنفذ، وكذا الشركة في مَسِيْلِ ماء الأرض دون الأرض وفي بئر المزرعة دون المزرعة، كالشركة في المَمَرِّ وحده.

الثالثة: تثبت الشفعة للذمي على المسلم، والذمي حسب نبوتها للمسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015