فُسر في الأبواب بتفاسير مختلفه اختلفه اعتبار الحَفْر مع التردِّي، فسمي الحفر هاهنا، وفي "الديات" سببًا وامتنع منه في أول الجراح، واقتصر على تسميته شرطاً، وفي الجملة فيكفي للتأثير في الأموال مالاً يكتفي به للتأثير في القصاص، والحكم المقصود لا يختلف باختلاف التعبيرات، والاصطلاحات، ولكن كان الأحسن الاستمرار على تفسير واحد وتعليق الأحكام عليه، ثم إنه اندفع في بيان صور من مسمي المباشرة والتسبب، والمباشرة لقتل والأكل والإحراق، ومن التسبب الإكراه على إتلاف مال الغير، فإن الإكراه مما يقصد لتحصيل الإتلاف، ومنه إذا حفر بئرًا في محل عدواناً، فتردَّت فيها بهيمة، أو عبد أو حر، فإن ردا غيره فالضمان على المردي؛ لأن المباشرة تتقدم على السبب والكلام فيه، وفي موضع عدوان الحفر الحفر يستقصي في "الجنايات" إن شاء الله تعالى.
وقوله في الكتاب: "والموجب وهو ثلاثة" ظاهره يقتضي حصر أصباب الضمان في الثلاثة، وقد يقال: كيف حصرها في الثلاثة وله أسباب أخر الاستيام والاستعارة وغيرها؟
(والجواب) أنه يجوز أن يريد الأسباب الذي ضمنها قد ماء الأصحاب هذا الباب، فأما ما عداها فلها مواضع مفردة.
وقوله: "التفويت بالمباشرة أو التسبب أو إثبات اليد العادية" إدخال "أو" في السبب حسن؛ لأنه طريق للتفويت، كما أن المباشرة طريق، لكن إدخالها في إثبات اليد العادية لا يحسن؛ لأنه سبب للضمان برأسه لا لأنه طريق للتفويت.
وقوله: "وحد المباشرة إيجاد علة التلف" أي إيجاد علة التفويت ولفظ "الإيجاد" لا يستحبه المتكلم إلا أن المعنى فيه مفهوم وأراد بـ"علة التلف" ما ذكرناه من أنه يضاف