ويَكْفِي القَبُولُ بِالفِعْل، وَلَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَ حِمَارِي لِتُعِيَر لىِ فَرَسَكَ فَهُوَ إِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَلاَ مضَمْوُنَةٍ، وَلَوْ قَالَ: اغْسِلْ هَذَا الثَّوبْ فَهُوَ اسْتِعَارةٌ لِبَدَنِهِ، وَإِنْ كَانَ الغَاسِلُ مِمَّنْ يَعْمَلُ بالأُجْرَةَ اعَتْيِاَدًا اسْتَحَقَّ الأُجْرَةَ.

قال الرافعي: في الباب ما يدلُّ على الإذن في الأنتفاع، لقوله: أعرتك أو خذه لتنتفع به، وما أشبههما ثم ظاهر لفظ الكتاب أنه يعتبر اللفظ من جهة المُعير، وأنه لا يعتبر من جهة المُستعير، وإنما يعتبر منه القبول، إما باللفظ وإما بالفعل، كما في الضيف، وقد صرح بهذا في "الوسيط".

وقال صاحب "التهذيب" وغيره: المعتبر في الإعارة اللفظ من أحد الطرفين، والفعل من الآخر حتى لو قال المستعير: أعرنى فسلمه المالك إليه، صحت الإعارة، وكان كما لو قال: خذه لتنتفع به، فأخذه تشبيهاً للإعارة بإباحة الطعام.

وذكر أَبُو سَعِيْدٍ الُمَتَولِّى أن اللفظ لا يعتبر في واحد من الطرفين، حتى لو رآه عاريًا فأعطاه قميصًا لبسه تمّت العارية، وكذلك لو فرش لضيفة فراشاً أو بساطًا أو مصلّى أو ألقى له وِسَاَدة، فجلس عليها كان ذلك إعارة، بخلاف ما لو دخل مجلسًا فجلس على الفرش المبسوط (?) لأنه لم يقصد بها انتفاع شخص معين، ولا بد في العارية من تعيين الشخص المستعير، وهذا الذي ذكره يشبه تمام الشبه بالضيافة، ويوافقه ما حكى (?) عن الشيخ أبِي عَاصِمٍ أنه إذا انتفع بظَرْفِ الهديّة المبعوثة إليه، حيث جرت العادة باستعماله (?) كأكل الطعام من القصعة المبعوث فيها كان عارية؛ لأنه منتفع يملك الغير، بإذنه (?).

والأشهر الرواية الوسطى، ولو أعلم قوله في الكتاب: "وصيغة الإعارة" -بالواو- كما ذكره في "التتمة" لكان صحيحاً، ثم في الفصل مسألتان:

الأولى: إذا قال: أعرتك حماري لتعيرني فرسك، فهي إجارة فاسدة على كل واحد منهما أجرة مثل دابة الآخر، وكذلك الحكم إذا أعاره شيئاً بعوض مجهول، كما لَوْ أعاره دابته ليعلفها (?)، أو داره ليطين سطحها، وكذا (?) لو كان العوض معلوماً ولكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015