وهذا ما ذكره في الكتاب، ومنها آخرون بناء على أنها وإن كانت أم ولد، فولد أم الولد يجوز أن يكون رقيقاً.

والأظهر الأول: وهو عين الوجه الأول المذكور فيما إذا عين الأوسط، وادعى الاستبراء بعده، وقلنا: إنه ينتفي به النسب، ثم إذا أقرعنا بينهم، وخرجت القُرْعَةِ لواحد منهم، فهو حر، والمشهور أن النسب والميراث لا يثبتان، كما ذكرنا في المسأله الأولى.

وعن المُزَنِيَّ في "المختصر الكبير" أن الأصغر نسيب بكل حال؛ لأنه بين أن يكون هو المراد بالاسْتِلْحَاقِ، وبين أن يكون ولد أمته التي صارت فراشاً له بولادة من قبل وجرى الأصحاب على رأيهم في الطَّعْنِ على اعتراضاته متبادرين، لكن الحق المطابق لما تقدم أن يفرق بين ما إذا كان السيد قد ادَّعَى الاستبراء قبل ولادة الأصغر، وبين ما إذا لم يدَّعه ويساعده في الحالة الثانية، وإذا ثبت النسب ثبتت الحرية لا محالة، وحيث لا نحكم بثبوت النسب، فهل يوقف الميراث؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ لأنا نتيقن أن أحدهما ابنه، وإن لم تُفِدِ القُرْعَةُ تعيينه، فأشبه ما إذا طلق إحدى امرأتيه، ومات قبل البيان حيث يوقف نصيب امرأة.

والثاني: لا؛ لأنه إشكال وقع البائس من زواله، فأشبه ما إذا غرق المُتَوارِثَانِ، فلم يدر أنهما ماتا مَعاً، أو على التعاقب لا توريث، ولا وقف وهذا أصح عند الأكثرين.

واختار المُزَنِيُّ الوقف، واختلفت الرواية عنه في كيفيته، ففي رواية ابْنِ خُزَيْمَةِ وجماعة أنه إذا كان له ابن معروف النسب يدفع إليه ربع الميراث، ويدفع ربعه إلى الأصغر، ويوقف النصف.

وفي رواية ابْنِ عَبْدَانَ المَرْوَزِيِّ في آخرين أنه يدفع نصف الميراث إلى المعروف النسب، ويوقف النصف للمجهول، واعلم أن الرواية الأولى مبنية على ما ذهب إليه المُزَنِيُّ من أن الأصغر نسيب بكل حال، فهو والمعروف ابنان يقينًا، فيدفع النصف إليهما، ويوقف النصف بينهما وبين الأكبرين، فيجوز أن يكون الأوسط ابناً دون الأكبر والرواية الثانية اختيار الشافعي -رضي الله عنه- وجوابًا على أنه لا يثبت نسب واحد منهم على التعيين، ولكن يعلم أن فيهم ابناً، فيقف النصف له، ويدفع النصف إلى الابن المعروف.

وأما لفظ الكتاب فقوله: "قال أحدهم: ابني" أراد ما إذا ذكر معه ما يقتضي الاستيلاد على أمة صور في المسألة الأولى، حيث قال: فقال أحدهما: إني علقت به في ملكي ألا ترى أنه حكم بعتق الأصغر عند تعيين الأوسط؟ وإنما يكون كذلك إذا ثبت الاستيلاد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015