واعلم أن الخلاف في أن الجميع هل يستعمل جارٍ فيما إذا استهلكت النَّجَاسَةُ المائعة في الماء الكثير، (وفيما إذا استهلك الخليط الطَّاهِرُ في الماء لقلته مع مخالفة الأوصاف لأوصاف الماء، ولو لم يتغير الماء الكثير) لموافقة النَّجَاسَةِ له في الأوصاف فالاعتبار بتقدير المخالفة لا بالأجزاء بلا خلاف، كذلك ذكروه لتغليظ أمر النجاسة واعتبروا في النَّجَاسَةِ بالمخالف الذي هو أشد صفة احتياطاً.
وفي الطاهرات بالوسط المعتدل، فلا يعتبر في الطَّعْمِ حِدَّةُ الخَلِّ؛ ولا في الرائحة ذكَاءُ المِسْكِ وقضية هذا الوجه (أن ينظر إلى صفات الَماء عُذُوبَةً، وَمُلُوحَةَ، وَرِقَّةً وَصَفَاءً) (?) فإن لها أثراً ظاهراً في حصول التغير وعدمه (?).
ثم عد إلى ألفاظ الكتاب واعلم أن قوله: "إن كان بحيث لو خالفه في اللون" ليس لاعتبار اللون بعينه، وإنما ذكره مثالاً، وسائر الأوصاف في معناه، وفيه ما قدمناه عن رواية الربيع -رحمه الله- وقوله:"لتفاحش تغيره" إشارة إلى أنه لو كان التغير يسيراً لم يؤثر كما سبق.
قوله: "زالت الطهورية" ينبغي أن يعلم بالواو، وكذا قوله: فهو طهور، لأن الحكم لا يتعلق بتقدير التغير وعدمه عند من يعتبر الأجزاء.
وقوله: في أول هذا الفرع. إذا صُبَّ مائع على ماء قليل ينبغي إن يعرف أن الصَّبَّ لاَ أَثَرَ لَهُ؛ بل انصباب المائع عليه واختلاطه به كالصَّبِّ، وإنما يفرق بين الوُقُوعِ فيه والطَّرْح قَصْداً فيما يتعذر الاحتراز عنه، وكذلك التعرض للقليل ليس للتقييد؛ بل القليل والكثير في هذا الحكم سواء، ولو حُذِفَ لفظ القليل لَمْ يَضُرّ. قال:
الْبَابُ الثَّانِي
فِي المْيَاهِ النَّجِسَةِ، وَفِيهِ فُصُولٌ أَرْبَعَةٌ
قال الغزالي: الفَصْلُ الأَوَّلِ فِي النَّجَاسَاتِ وَالجَمَادَاتُ كُلُّهَا عَلَى الطَّهَارَةِ إِلاَ الخَمْرَ وَكُلَّ نَبِيذٍ (ح) مُسْكِرٍ، وَالحَيَوَانَاتُ كُلُّهَا عَلَى الطَّهَارَةِ إِلاَّ الكَلْبَ وَالخِتزِيرَ وَفُروعَهمَا.