وإذا قلنا بالوجه الثاني، فينبغى أن يبين الوكيل جنس المقرّبه وقدره، فلو قال. أقر عني بشيء لفلان. فأقر أخذ الموكل بتفسيره، ولو اقتصر على قوله: أقر عني لفلان، فوجهان، حكاهما الشيخ أَبُو حَامِدٍ وغيره:
أحدهما: أنه كما لو قال: أقر عني بشئ.
وأصحهما: أنه لا يلزمه شئ بحال؛ لجواز أن يريد الأقرار بعلمه، أو سماعه لا بالمال (?).
الثَّالِثَةُ: يجوز لكل واحد من المدعي والمدعى عليه التوكيل بالخصومة رضي صاحبه، أو لم يَرْضَ، وليس لصاحبه الأمتناع من خصومة الوكيل.
وقال أبو حنيفة -رحمه الله تعالى-: له الأمتناع إلاَّ أن يريد الموكل سَفَراً، أو يكون مريضاً، أو مخدراً.
وقال مالك -رحمه الله تعالى-: له ذلك إلا أن يكون سفيهاً خبيث اللسان، فيعذر الموكل في التوكيل. لنا: أنه توكيل في خالص حقه، فيمكن منه، كالتوكيل باستيفاء الدَّيْنِ من غير رضي مَنْ عليه، ولا فرق في التوكيل في الخصومة بين أن يكون التوكيل المطلوب مالاً، أو عقوبة لا دمى، كالقصاص وحد القذف.
فاما حدود -الله تعالى- فلا يجوز التوكيل في إِثباتها؛ لأنها مبنية على الدرء (?).
الرابعة: يجوز التوكيل في استيفاء حدود -الله تعالى- للأمام وللسيد في حد مملوكه، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- في قصة ماعز: (اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ) (?).
وقال: "وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امرأَةِ هَذَا فَإنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا (?) وأما عقوبات