فإن كان عمل صَاحِبِ الأَقل أكثر، والتفاوت كما صورنا، فثلث عمل صاحب الأقل في ماله وثلثاه في مال شريكه وثلثا عمل صاحب الأكثر في ماله وثلثه في مال شريكه فَلِصَاحِب الأَقَلِّ ثلثا المِائَتَيْنِ عَلَى صَاحِب الأَكْثَرِ، وهما مِائَةٌ وإن تَسَاوَيَا في العَمَلِ فَلِصَاحِبِ الأقل ثُلُثَا المِائَة على صاحب الأَكْثَرِ، ولصاحب الأكثر ثُلُثُ المِائَة عليه، فيكون الثلث بالثلث قصاصاً، يبقى لِصَاحِبِ ثُلثِ المِائَةِ ثَلاَثةٌ وثلاثُونَ وَثُلث.
وقوله في الكتاب: (فلو شرطا تفاوتا بطل الشرط) مُعَلَّم بالحاء، لما عرفت أن أبا حنيفة -رحمه الله- يصححه.
وقوله: (وفسد العقد) هذا هُو المَشْهُور، ونقل الإمام -رحمه الله- اختلافا للأصحاب -رحمهم الله- في أن الشَّرِكَة تفسد بِهَذَا الشَّرط، أو يطرح الشَّرْط، والشركة بحالها لنفوذ التصرفات ويوزع الربح على المَالَيْن، ولم يتعرض غيره لحكاية الخِلاف بل جزموا بنفوذ التَّصرفات، ويوزع الرِّبح على المَالَيْنِ، وبوجوب الأُجْرَة في الجُمْلَةِ.
ولَعَلَّ الخلاف رَاجِع إلى الاصطلاح، فبعضهم يطلق لفظ الفَسَاد وبعضهم يمنع منه؛ لبقاء أكثر الأحكام.
وقوله: (ومعنى الفساد إلى آخره)، أشار به إلى أن أَثَر الفَسَادِ الرجوع بالأجرة، فإن الشَّرِكَةَ لو كَانَتْ صحيحةً لما ثبت استحقاق الأُجْرَة، ويجوز إعلام قوله: (يرجع بالأجرة) بالحاء، لأن عنده لا رجوع بها لِصِحَّة الشَّرْطِ، وما ذكرنا من معنى الفَسَاد عند تعيين نسبة الرِّبْح، جارِ في سائر أسْبَابِ الشَّرِكَةِ، نعم، قال الإمام -رحمه الله-: لو لم يكن بين المَالَيْنِ شيوع وخلط فلا شركة هاهنا على التحقيق، وثمن كل واحد من المَالَيْنِ يختص بمالكه ولا يقع مشتركاً، والكلام في الصِّحَّةِ والفساد، إنما يكون بعد حُصُولِ تعيين الشَّرِكَةِ، فإن جَرَى توكيل من الجَانِبَيْنِ لم يَخْفَ حُكْمُه، وينبني على الخِلاَف المذكور فيما إذا شرط زِيَادَة رِبْحٍ لمن اختص بميزد عَمَلٍ.
فرعان:
أحدهما: إذا جوزنا ذلك فلو لم يشترطاه ولا اشترطا توزيع الربح على قَدْرِ المالين بل أطْلقَا فعن صَاحِبِ "التقريب" والشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ ذكر خِلاَف في أن الرَّبْحَ يتوزع على المَالَيْن، وتكون زيادة العمل تبرعاً منه، أو يثبت للزِّيادَةِ أجْرَة تخريجاً على مَا إذا استعمل صانعاً، ولم يذكر له أجرة.
الثاني: إذا شرطا زيادة رِبْح لِمَنْ زَادَ عَمَله، ففي اشتراط استبداده باليد وجهان، وكذا لو شرطا انفراد أحدهما بالعَمَلِ في وجه يشترط كما في القَرَاضِ، وفي وَجْهٍ لا جَرْياً على قضية الشَّرِكَةِ، والخِلاَف في جَوَازِ اشتراط زيادة ربح لمن زاد عمله، جاز