مع التفاوت على نِسبَةِ المَالَيْنِ، وعن الأَنْمَاطِيِّ: أنه يشترط التَّسَاوِي؛ لأن الرِّبْحَ يحصل بالمَالِ والعَمَلِ، كما لا يَجُوزُ الاختلاف في الرِّبْحِ مَعَ تَسَاوِي المَالَيْنِ لا يجوز الاختلاف في الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي في العَمَلِ، وهل يُشْتَرَطُ العِلْمُ حالة العقد بمقدار النَّصيبين؟ بأن يعرف أن المال بينهما نصفان أوَ على نِسْبَةٍ أخرى؟ فيه الوجهان:

أظهرهما: أنه لا يشترط، إذا أمكن معرفته من بعد، وهو المَذْكُور في الكتاب، ومأخذ الخِلاَف: أنه إذا كان بين رَجُلَيْنِ قال مشترك، وكل واحد منهما جَاهِلٌ بقدر حصته، فأذن كُلُّ واحدٍ منهما لِصَاحِبِهِ في التَّصَرُّفِ في جَمِيعِ المَالِ، أو في نصيبه، هَلْ يَصِح الإِذْن؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لأنه لا يَدْرِي فِيمَا يَأْذَن، والمأذون لا يدري مَاذَا يستفيد بالإذْنِ.

وأظهرهما: نعم؛ لأن الحَقَّ لا يعدوهما وقد تَرَاضَيَا، وعلى هذا تكون الأثمان بينهما مُبْهَمة كالمثمنات.

وأَما لفظ الكتاب فقوله: (وإشارة النّص إلى أنه لا بد وأن يكون نقداً)، يجوز حمله على ما قَدَّمنا ذِكْرَهُ في رِوَايَةِ البويطي -رحمه الله- إلا أن الظَّاهِر، أنه قصد به ما ذَكَرَهُ الإِمَامُ من أن ظاهر منقول المزني المَنْع، والمراد منه -قوله في "المختصر"-: والذي يشبه مذهب الشَّافعي -رضي الله عنه- أن الشَّرِكَةَ لاَ تَصِح في العُرُوضِ، ولا فيما يرجع عند المفاضلة إلى قيمته، وهذا له إشعار بالمَنْعِ، لكن بعضهم حَمَلَ لفظ العروض على المتقومات، وقال هذا الكلام ذِهَابٌ إلى جَوَازِ الشَّرِكَةِ في المِثْلِيَّاتِ؛ لأنه يرجع عند المفاضلة إلى مثله لا إلى القِيمَةِ.

وقوله: (والأقيس أنه يَجُوزُ في كُلِّ مَالٍ مشترك) أي عروض كانت أو غيرها، وأراد بالمُشْتَرَكِ ما يثبت فيه الحَقَّان على الشّيُوعِ، وذلك تَارةً يثبت ابتداء كما في الموروث، وتارة بالخَلْطِ الدّافع للتمييز لإيجابه الشّيُوع، ولو كان لهما ثوبان والتبسَا عَلَيْهِمَا لم يَكْفِ ذَلِكَ لِعَقْدِ الشَّرِكَةِ، فإن المَالَيْنِ متميزان، وإنما أبهم الأمر بينهما.

وقوله: (فلو تراخى فَفِيه خلاف) والأشبه أنه لم يرد به الوَجْهَيْن، فيما إذا وقع الخَلْط في المَجْلِس، وإنما أراد إقامة وَجْهَيْنِ فيما ذكره المُعْظَم، ومال إليه الإمام -رحمه الله- لأنه لم يتعرض للمَجْلِس هاهنا ولا في "الوسيط" ولا له ذكر في "النهاية".

فرع: قال أصْحَابُنا العِرَاقيون وَمَنْ تَابَعَهُمْ: إِذَا جوزنا الشَّرِكَةَ في المثليات، فإن استوت القيمتان، كانَا شريكين على السَّوَاءِ، وإن اختلفا كما إذا كان لأحدهما كر حنطة قيمته مِائَة، والآخر كر قيمته خَمْسون، فَهُمَا شَرِيكان الثلثين والثُّلُثُ، وهذا مبني على قَطْعِ النظر في الْمِثلِيَّاتِ، عَنْ تَسَاوِي الأَجْزَاءِ في القِيمَةِ، وإلا فليس هذا الكَرّ مثلاً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015