منفعة الغَيْرِ بأمره، فأشبه ما إذا قال: اعلف دابتي فأعلفها، وعن أبي حَنِيفة: أنه يرجع، إذا قال: اضمن عني وأدّ عني. أما إذا لم يقل: عَنِّي فلا يرجع، إلا إذا كان بينهما مُخَالَطَةُ شَرِكَةٍ، أو زَوْجِيَّةٍ أو نحوهما, ولا فرق في ثبوت الرّجوع بين أن يشترط الرّجوع أو لا يَشْتَرِط، قال الإمام: ويحتمل في القياس أن ينزل الإذْن في الضَّمَان، والأداء منزلة الإذن في الأداء من غير ضَمَانٍ, حتى يقول: إن شرط الرجوع ثبت، وإلا فَعَلى الخِلاَف، وفي الكلام لصاحب "التقريب" رمز إليه.

وثانيها: أن يضمن ويؤدي بغير إذْنِهِ، فلا رجوع له على الأصيل، خلافاً لمالك وأحمد. واحتج الأصحاب بحديث عليّ وأبي قتادة بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صَلَّى عَلَى المَيِّتِ بَعْدَ ضَمَانِهِمَا, ولو كان لهما الرجوع لما صَلَّى لبقاء الدَّيْنِ، وأيضاً فإنه عليه السلام قال: "الآنَ بَرَدَتْ جِلْدَتُهُ عَنِ النَّارِ" (?).

ولو بقي الدَّيْن لما حصل التبريد.

وثالثها: أن يضمن بغير إذنه ويؤدي بإذنه، ففي وجه يرجع لأنه إسْقَاط الدَّيْنِ عن الأَصِيل بإذنه.

والأصح: المنع؛ لأن اللّزُوم بالضَّمَانِ ولم يأذن فيه، ورتب الوَجْهَيْنِ في "النهاية" على الوَجْهَيْن فيما إذا أَدَّى دين الغَيْرِ بإذنه من غير ضَمَانٍ، ومن غير شَرْطِ الرجوع، وقال: هذه الصورة أولى بأن يمتنع الرجوع؛ لأن الإذن في الأداء بعد اللزوم بالضمان في حكم اللغو، وأبدى احتمالين فيما إذا أذن في الأداء بِشَرْطِ الرّجُوعِ والحَالَة هذه.

أحدهما: يرجع، كما لو أذن في الأداء بهذا الشَّرْط من غير ضَمَان، ووجه الثَّانِي أن الأداء استحق الضَّمَان، والمستحق بلا عوض لاَ يجُوز أن يقابل بعوض كَسَائِرِ الحُقُوق الواجبة (?).

والرَّابعة: أن يضمن بالإذْن ويؤدي بغير الإذْن، ففيه وجهان عن ابْنِ سُرَيْجٍ، ووجه ثالث عن أبي إسحاق أحد وجهي ابْنِ سُرَيْجٍ وهو الأصَح المَنْصُوص: أنه يرجع؛ لأن الأصْل في البَابِ الالتزام، وقد صادفه الإذْن فليلتقي به.

والثاني: لا يرجع؛ لأن الغرم حَصَل بِغَيْرِ إِذْنِ الأَصِيلِ، وِإنَّما لم يقصد إلا التوثيق بالضَّمَان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015