ولو مات المكفول به ففي انقطاع طلب الإحْضَار عن الكَفِيل وجهان:

أصحهما: أنه لا ينقطع، بل عليه إحْضَاره ما لم يُدْفَن، إذا أراد المكفول له إقامة الشهادة على صُورَتِهِ كما لو تَكَفَّل ابتداء ببدن الميت.

والثاني: ينقطع حملاً للإحْضَار الملتزم على حَالِ الحَيَاةِ فإنه الذي يَخْطُر بالبال غالباً، وهو يُطَالُب الكفِيل بِمَال؟ فيه وجهان:

أصحهما: لا، وبه قال أبُو حنيفة -لأنه لم يلتزمه، وهذا كما لو ضمن ضَامِنٌ المُسَلّم فِيهِ فانقطع لا يطالب بِرَدِّ رَأْسِ المَالِ.

والثَّاني: وبه قال ابْنُ سُرَيْجٍ ويحكى عن مالك: أنه يطالب؛ لأن الكفالة وَثِيقة فيستوفى الحَقّ منها إذا تَعَذَّر تَحْصَيلُه مِمَّنْ عليه كالرَّهْنِ، وعلى هذا فالمطالبة بالدَّيْنِ أو بالأقل من الدين، ودية المكفول به، فيه وجهان بناء على القولين في أن السيد يفدي العبد الجاني بالأرش أو بالأقل من الأَرْش وَقِيمَة العَبْد (?).

وإن هرب المكفول به إلى حيث لاَ يَعْلم أو توارى فالخلاف في مطالبة الكفيل بالمال مرتب على حَالِ المَوْت، وأولى بأن لا يطالب إذا لم يحصل اليأْس من إحْضَاره، ولو تكفل ببدن رجل وشرط عليه أنه إذا عجز عن تسليمه غرم الدين، فإن قلنا: إنه يغرم عند الإطْلاق فَلاَ بَأْس، وإلا بَطلت الكَفَالة.

الرابعة: ظاهر المَذْهَب أن الكَفَالة بغير رضا المَكْفُول به لاَ تَصِح، ومنهم من قال: تَصِح، والخلاف مَبْنِيٌّ على أن الكَفِيل هل يغرم عند العَجْزِ؟ إن قلنا: لا لم تصح؛ لأنه إذا تكفل بغير إذنه لا يمكنه إحْضَاره؛ إذ لا يلزمه الإجابة فلا تقضي الكفالة إلى مقصودها.

وإن قلنا: نعم صحت، ويغرم المَال عند العَجْزِ فتظهر فائدة الكَفَالة، وعن صاحب "التقريب" حكايه وجه: أنها تَصِح. وإن قلنا: إنه لاَ يَغْرَم عِنْدَ العجز -وسنبينه إن شاء الله تعالى في التفريع- وتَصِح الكَفَالَة مِنْ غَيْرِ رِضَا المكفول له، ويجري في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015