وقوله: (ولا يجوز إشراع الجَنَاحِ، وفتح باب جديد إلا برضاهم) أي برضا من أثبتنا له الشركة في السِّكَّة، وقصد بهذا الكلام التفريع على رأي الذي نسبه إلى المراوزة على ما بينه في "الوسيط"، لكن لا يخلو إما أن يكون المراد فتح باب من الدَّارِ التي لها باب في هذه السِّكَّة، أو الفتح من الدَّارِ التي لها في السِّكَّة باب قديم، إن كان الثَّاني، فقد ذكره من بعد حيث قال: (أو فتح من تلك الدَّار بابًا ثانيًا في السِّكَّة)، وإن كان الأوّل، فَالْعِرَاقِيُّونَ لا يُخالِفُونَ فيه، حتى يجعل ذلك تفريعًا على أحد الوَجْهَيْنِ، وكذا إشراع الجَناحِ إِنَّمَا يجوز دونه لمن له حق الطّروق في السِّكَّة لا لِغَيْرِه.

وقوله: (ورضاهم إعارة يجوز الرجوع عنه)، أراد ما ذَكَرَهُ الإِمَامِ؛ لأنه لو فتح من لا باب له في السِّكَّة بابًا برضا أهلها، كان لأهلها الرجوع مهما شَاؤوا، ولا يلزمون بالرجوع شيئًا، بخلاف ما لو أعار الأرض للبِنَاء، ثم رجع فإنه لا يقلع البناء مجانًا، وهذا لم أجده لغيره، والقياس أن لاَ فَرْق، والله أعلم.

وقوله: (فوق الباب الأول) أراد مما يلي رأس السِّكَّة، على ما ذكره في "الوسيط"، وموضع الخلاف فيه، ما إذا لم ينسد البابُ القَدِيم، ويمكن حمله على ما إذا كان فوقه مما يلي آخر السِّكَّةَ على مَا مَرّ.

فرع: قال القاضي الرّويَانِي في "التجربة": إذا كان بين داريه طريق نافذ، يحفر تحته سردابًا من أحدهما إلى الأخرى، وأحكم الأزج لم يمنع، قال: وبمثله أجاب الأصْحَاب، فيما إذا لم يكن نافذًا؛ لأن لِكُلِّ واحد دخول هذا الزقاق كطروق الدّرْبِ النَّافِذِ، وغلط من قال بخلافه، وهذا اختيار منه لكونها في معنى الشارع، والظاهر خلافه واعتذر الإمام عن جَوازِ دُخُولِهَا بأنه من قبيل الإِبَاحَاتِ المستفادة من قرائن الأحوال (?).

قال الغزالي: أَمَّا الجِدَارُ إِنْ كَانَ مِلْكَ أَحَدِهِمَا فَلا يَتَصَرَّفُ الآخَرُ فِيهِ إِلاَّ بِأَمْرِهِ، فَإِنِ اسْتَعارَهُ لِوَضْعِ جِذْعِهِ لا يَلْزَمُهُ (م) الإِجَابَةُ في القَوْلِ الجَدِيدِ، فَإنْ رَضِيَ فَمَهْمَا رَجَعَ كَانَ لَهُ النَّقْضُ بِشَرْطِ أَنْ يُغَرَّمَ النَّقْصَ، وَقِيلَ: فائِدَةُ الرُّجُوعِ المُطالَبَةُ بِالأُجْرَةِ لِلمُسْتَقْبِلِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015