ولك أن تقول: المرتفق بالقعود لمعاملة لا يبطل حقه بمجرد الزَّوَالِ عن ذَلِكَ المَوْضِع، وإنما يبطل بالسَّفَر والإعراض عن الحِرْفَة، كما سيأتي في إحْيَاءِ المَوَاتِ، فقياسه أن لا يبطل حقه بمجرد الانهدام والهدم، بل يعتبر إعراضه عن ذلك الجناح ورغبته عن إعادته (?).
أما لفظ الكتاب فقوله: (فالشوارع على الإباحة كالموات)، معناه أنها منفكة عن المِلْك، والاختصاص كالمَوَاتِ، والأصْلُ فيها الإِبَاحة وجواز الانتفاع إلا فيما يقدح في مقصودها وهو الطّروق، ويستوى في الحُكْمِ الجواد الممتدة في الصَّحَارِي وَالبِلاَد، قال الإمام: وصيرورة الموضع شارعًا له طريقان:
أحدهما: أن يجعل الإنسان ملكه شارعًا وسبيلًا مسبلًا.
والثَّاني: أن يحيى جماعة خطة قرية أو بلدة ويتركوا مسلكًا نافذًا بين الدور والمساكن ويفتحوا إليه الأبواب، ثم حكى عن شيخه ما يقتضي طريقًا ثالثًا، وهو أن يصير موضع من الموات جادة ميتًا يطرقها الرّفاق فلا يجوز تغييره، وإنه كان يتردد في بيان الطَّريق التي يعرفها الخواص وَيَسْلُكونها، وَكُلُّ مَواتٍ يجوز استطراقه، ولكن لا يمنع من إحيائه وصرف الممر عنه فليس له حكم الشَّوارع (?). وقوله: (بما لا يضر