المُحْصَر أَو المُحْرم المُفْلِسِ حَتَّى لاَ يَتَحَلَّلَ إِلَّا بِلِقَاءِ البَيْتِ فِيهِ خِلاَفٌ.
قال الرَّافعِيُّ: الغرض الآن الكلام فيما ينفذ من السَّفِيه المحجور عليه من التَّصَرُّفَاتِ، وما لا ينفذ وفيه مَسَائِل:
أحدها: لا يصح، منه العقود التي هي في مظنة الضَّرر المَالِي، كالبيع والشِّراء، والإعتاق (?)، والكتابة، والهبة، والنكاح، ولا فرق بين أن يشتري بِعَيْنِ ماله أو في الذمة، وفي شرائه في الذِّمَّةِ وجهٌ ضعيفٌ، تخريجاً من شراء العَبْدِ بغير إذْنِ مَوْلاَه، والمذهب الأول؛ لأن هذا الحَجْرَ إنما يشرع نظراً للمبذر، وذلك يقتضي الرّد حالاً ومالاً، والحجر على العبد لحق المولى، فلا يمتنع التَّصْحِيحِ بحيث لا يضر بالمولى، وإذَا بَاعَ وأقبض استرد من المشتري، فلو تَلَفَ في يَدِهِ ضَمِن، فلو اشترى وقبض واستقرض فتلف المأخوذ في يده أو أتلفه فلا ضَمَان عليه، ومن أقبضه فهو الذي ضَيَّعَه، ولوليه استرداد الثَّمن إن كان قد أَقْبَضَهُ، ولا فرق بين أن يكون من عامله عالماً بحاله أو جاهلاً؛ إذ كان من حقه أن يتجنب ولا يعامل إلا عَنْ بَصِيرَة، وكما لا يجب الضَّمَانُ في الحَالِ لا يجب بعد رفع الحَجْرِ؛ لأن هذا الحَجْرَ لمصلحته فأشبه الصَّبِي، لكن الصبي لا يأثم، والسَّفِيه يأثم؛ لأنه تَكَلُّف، وفيما إذا أتلفه بنفسه وجه أنه يضمن عند رفع الحَجْرِ عنه (?)، وهذا كُلُّه فيما إذا استقل بهذه التَّصَرُّفَاتِ، أما إذا أذن له الولي نظر إن أطلق الإذْن فهو لَغْوٌ، وإن عين له تصرفاً أو قدر العوض فوجهان:
أصحهما عند المصنف: أنه يَصِح كما لو أذن له في النِّكاح، وهذا لأن المقصود أن لا يضر بنفسه ولأيتلف ماله، فإذَا أذن الولي أمن مِنَ المَحْذُورِ.
والثاني: وهو الأصحِ عند صاحب "التهذيب": المنع، كما إذا أَذِن للصَّبِىِّ (?)، ويخالف النكاح؛ لأن المَال فيه تبع، ومقصود الحَجْرِ حفظ المالِ عليه، على أنَ الإِمَامَ -رحمه الله- أشار إلى طَرْدِ بعضهم الخِلاَفَ في النِّكَاحِ.