هذا إذا تلف أحد العبدين ولم يقبض شيئاً من الثمن أما إذا باع عَبْدَيْنِ متساويين في القِيمَةِ بِمِائَة وقبض خمسين، فتلف أَحَدُهُمَا في يَدِ المُشْتَرِي، ثم أفْلَسَ فقولان:
القديم: أنه لا رُجوعَ لَهُ إلَى العَيْنِ، بل يضارب بِبَاقِي الثَّمَنِ مع الغُرَمَاء، لما روى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعاً فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الْبَائِعُ منْ ثَمَنِهِ شَيْئاً فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ" (?) وإن كان قد اقتضى من ثمنه شيئاً، فهو أسوة الغرماء.
والجديد: أنه يرجع، واحتج له بأن الإِفْلاَسَ سَبَبٌ يعود بِهِ كُلُّ العَيْنِ إليه، فجاز أن يعود بعضُه كالفرقة في النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ يُرَدُّ بِهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ إلى الزَّوْج تَارَةً، وبعضُه أُخْرَى، وأما الحديث فهو مُرْسَل (?)، وعلى هذا فيما يرجع؟ نص في "الأَم": أنه يرجع في جَمِيع العَبْدِ البَاقِي بما بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ، وله فيما إذا أصْدَقَهَا أرْبَعِينَ شَاةً، وحَالَ عليها الحَوْلُ، فَأخرجت شَاةً، ثم طلقها قبل الدُّخُولِ قولان:
أحدهما: يرجع بأربعينَ شَاةً: وهو قياس نصه هاهنا.
والثاني: أنه يأخذ نِصْفَ المَوْجُودِ، وَنِصْفَ قِيمةِ الشَّاةِ المُخْرَجَةِ، واختلفوا هاهنا على طريقين:
أحدهما: تخريج القول الثاني، وطرد القولين هاهنا وعلى هذا.
أحدهما: فأظهرهما: أنه يأخذ جَمِيعَ العَبْدِ البَاقي بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّمَنِ. ويجعل ما قبضه من الثمن في مقابلة التَّالِف، كما لو رَهَنَ عَبْدَيْنِ بِمِائَةٍ وأخذ خَمْسِين، وتلف أحَدُ العَبْدَيْنِ، كان الآخَرُ مَرْهُوناً بِمَا بَقِيَ مِنَ الدَّيْنِ، والمعنى الجامع: أن له التَّعَلّق بِكُلِّ العَيْنِ إذا بقي كُلُّ الحَقِّ فيثبت له التعلق بِالْبَاقِي مِنَ العَيْنِ للباقي مِنَ الحَقِّ.
والثاني: وهو اختيار المُزَنِي: أنه يأخذ نِصْفَ العَبْدِ البَاقِي بنصف البَاقِي من الثَّمَنِ، ويضارب الغرماء بِنِصْفِهِ؛ لأن الثمن يتوزع على المَبِيعِ بالمقبوض، والبَاقِي يتوزع كُلَّ وَاحِدٍ منهما على العَبْدَيْنِ.