وعند أبي حنيفة ما تلف بعد موته فهو من ضَمَانِ الغُرَمَاءِ، والله أعلم.

بقي في الفصل مسألتان:

إحداهما: لا يكلف عند القسمة الغرماء إقامة البينة على أنه لا غريبم سِوَاهُمْ، ويكتفي بأن الحجر قد استفاض واشتهر، فلو كان ثَمَّ غيرُهم لَظَهَرَ وَطَلَبَ حَقَّه، ويؤيده أن عمر -رضي الله عنه- اكتفى باشتهار أمر الجهني في خطبته، ولم يكلف الغُرَماء البَيِّنَة، هذا ما نقله الإِمَامُ عن صاحب "التقريب" ثم قال: لا فرق عندنا بين القِسْمة على الغرماء والقسمة على الورثة.

فإذا قلنا: في القسمة على الورثة لاَ بُدَّ من إقامة الشَّهَادَةِ على أن لا وارث غيرهم كذلك في القِسْمَة على الغُرَمَاءِ، وللفارق أن يفرق بين البائعين بأن الورثة على كل حَالٍ أضبط من الغرماء (?)، وهذه شهادة على النَّفْي يعسر مدركها فلا يلزم من اعتبارها حيث كان الضبط أسهل اعتبارها حيث كان الضبط أعسر وإذا جررت القِسْمَةُ ثم ظهر غَرِيم آخر (?) فالظاهر أن القِسْمَة لا تنقض، ولكن يشاركهم من ظهر بالحِصَّة؛ لأن المقصود يحصل به، وفيه وجه أنها: تنقض فيسترد المال ممن أخذ ويستأنف القِسْمة، وهذا كما لو اقتسم الورثة التركة ثم ظَهَر دَيْن، ففي نَقْضِ القِسْمَة اختلاف.

فإن قلنا: بعدم النقض، فلو قسم ماله وهو خمسة عشر على غريمين لأحدهما عِشْرُون، وللآخر عَشرة، فأخذ الأول عَشَرَة، والثَّانِي خَمْسَة، ثم ظهر غَرِيم ثالث بثلاثين استرد من كل واحد منهما نِصْفَ ما أخَذَ، ولو كَانَ دين كل واحد منهما عَشْرة وقسم المال بينهما نِصْفين ثم ظهر غريمٌ ثَالِثٌ بعشرة رجع على كل واحد منهما بثُلُثِ ما أخذ، فإن أتلف أحدهما ما أخذ وكان معسراً لا يحصل منه شيء فوجهان:

أظهرهما: أن الغريم الذي ظهر لا يأخذ من الآخر شِطْر ما أخذه وكأنه كل المال، ثم لو أيسر المُتلِف أخذَ مِنْهُ ثلث ما أخذه وقسماه بينهما.

والثاني: أنه لا يأخذ منه إلا ثُلث ما أخذه، وئلث ما أخذه المتلف دين عليه، ولو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015