أو إليهما فهذا تَوْكِيلٌ منه بالأداء، وله التغيير ما لم يصل إلى المستحق (?)، ولو أبرأ مستحق الدينين المديون عَنْ مائَةٍ وكل واحد منهما مائَةْ، نظر فإن قصد أحدهما أو قصدهما فالأمر على مَا قَصَدَ، وإن أطلق فَعَلَى الوَجْهَيْنِ، ولو اختلفا فقال المبرئ: أبرأت عن الدَّيْن الخَالِي عن الرَّهْنِ والكَفِيل، وقال المديون: بل عن الآخر، فالقولُ قولُ المُبْرِئِ مَعَ يَمِينِهِ، والله أعلم. هذا شرح ما أورده في بَاب النِّزاع، وقد يختلف المُتَرَاهِنَانِ في أمور أخر: منها: ما اندرج فيما قبله من أبْوَابَ الرَّهْنِ. ومنها: ما إذا اختلفَا المُتَرَاهِنَانِ في قَدِمِ عَيْبِ الرَّهْنِ وحدوثه إذا كان مشروطاً بيع، وقد ذكرناه في كِتَابِ البَيْعِ. ومن فروعِ هذاَ البَاب: ما إذا رهنه عصيرًا ثم اختلفا بعد القبض، فقال المرتهن: قبضته وقد تَخَمَّر فلي الخيار فِي فسْخِ البَيْعِ المشروط فيه هذا الرَّهْن، وقال الراهن: بل صار عِنْدَكَ خَمْراً، فقولان:

أصحهما: أن القولَ قول الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لأن الأصْلَ بقاء المَبِيع، والمُرْتَهِنَ يتدرج بِمَا يقوله إلى الفَسْخِ.

والثاني: وبه قال أبُو حَنِيفَة والمُزَنِيَ: إن القولَ قولُ المرتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لأن الأصل عَدَمُ القَبْضِ الصَّحِيحِ. ولو زعم المرتهن أنه كان خمراً يَوْمَ العَقْدِ، وكان الشَّرْطُ رَهْنِ فَاسِدٍ، فمنهم من طرد القولين، وعن ابن أبي هريرة القَطْعُ بأن القولَ قولُ المرتهن. ومأخذ الطريقين: أن فَسَاد الرَّهْنِ هل يوجب فساد البيع. إن قلنا: لا، خرج على القولين. وإن قلنا: نعم، فالجواب ما قَالَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ لأنه ينكر أَصْلَ البَيْعِ، والأصل عَدَمُه، ويمكن أن يخرج على الخِلاَف. وإن قلنا: إن فَسَادَ الرَّهْن يوجب فَسَادَ البَيْعِ على الخلاف فيما إذا اختلف المتبايعان في شَرْطٍ مُفْسِدٍ وَقَدْ مَرَّ. ثم هاهنا فائدتان:

إحداهما: خَرَّجَ مُخَرَّجُونَ القولين على أن المُدَّعيِ من يدعي أَمْراً خَفِيّاً، والمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يَدَّعيِ أَمْراً جِليّاً، والمْدَّعِي مَنْ لَوْ سَكت لتِركَ، وَالمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَوْ سكت لَمْ يترك، هذا أصْلٌ معروف في موضعه (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015