ظاهر، ويخالف إقرار الرَّاهن فإنه في ملكه، وعن بعض الأصْحَاب: إجراء الخِلاَفِ فِيهِ، والمَذْهَبُ الأَوَّلُ، وحينئذ يَكُون القَوْلُ قَوْلَ المُشْتَرِي، فإن نكلَ فالرد على المُدَّعِي أو على المقر البَائِع، حكى القاضي ابْنُ كِجٍّ فيه قولين، ولو أَجَّرَ عَبْداً، ثم أقر بأنه كان قد بَاعه أو أَجَّرَهُ أو أعتقه، ففيه الخلاف المذكور في الرَّهْنِ لبقاء المهلْك.

ولو كاتبه ثم أَقَرَّ بما لا يَصح معه الكتابة، فإن القاضي ابْنَ كِجٍّ أجرى الخلاف فيه، وقال الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: لا يقبل بِحَالٍ؛ لأن المكاتب بمنزلة من زال الملك عنه، والله أعلم.

قال الغزالي: الأَمْرُ الرَّابعُ فِيمَا يَفُكُّ الرَّهْنَ فَلَوْ أَذِنَ المُرْتَهِنُ فِي البَيْعِ ثُمَّ ادَّعَى الرُّجُوعَ قَبْلَ البَيْع فَالقَوْلُ قَوْلُهُ (و) لأَنَّ الأَصْلَ أَنْ لاَ بَيْعَ وَلاَ رُجُوعَ فَيتَعَارَضَانِ وَيَبْقَى أَنَّ الأَصْلَ اسْتِمْرَارُ العَقْدِ، وَلَوْ قَالَ الرَّاهِنُ مَا سَلَّمْتُهُ مِنَ المَالِ كَانَ عَنْ جِهَةِ الدَّيْنِ الَّذِي بِهِ الرّهُنُ فَانْفَّكَ وَادَّعَى المُرْتَهِنُ أنَّهُ عَنْ جِهَةِ غَيْرِهِ فَالقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ قُصُودِهِ فِي الأَدَاءِ فَإِنَّهُ أَعْرَفُ بِنِيَّةِ نَفْسِهِ، وَلَوْ قَالَ: لَمْ أَنْوِ عِنْدَ التَّسْلِيمِ أَحَدَ الدَّيْنَيْنِ فَعَلَى وَجْهٍ يُوَزَّعُ عَلَى الجِهَتَيْنِ، وَعَلَى وَجْهٍ يُقَالُ لَهُ: اصْرِفِ الآنَ إِلَى مَا شِئْتَ، وَكذَا فِي جَمِيعِ نَظَائِرِهِ.

قال الرَّافِعِيُّ: الأمر الرابع: مما يتنازع فيه المتراهنان ما يفك الرَّهْن، وذكر فيه صورتين: إحداهما: إذا أذن المُرْتَهِن في بَيْعِ الرَّهْنِ، فباع الرَّاهِنُ، وَرَجَع المُرْتَهِن عن الإِذْنِ، ثم اختلفا، فقال المُرْتَهِنُ: رجعت قبل البيع فَلَمْ يَصِح بَيْعُك، وبقي المَالُ رهناً كما كان، وقال الرَّاهِن: بل رجعتَ بَعْدَ البَيْعِ، فوجهان:

أظهرهما: عند الأكثرين أنَّ القولَ قولُ المرتهن؛ لأن الأصل عدم رجوع المُرْتَهِنِ فِي الوَقْتِ الذي يدعيه الراهن، والأصل عَدَمُ بيع الرَّهْنِ في الوقت الذي يَدَّعِيهِ، فيتعارضان ويبقى أن الأصل استمرار الرَّهْنِ.

والثاني: أن القولَ قولُ الرَّاهِنِ؛ لتقوى جانبه بالإذن الذي سَلَّمه المُرْتَهن، وتوسط في "التهذيب" بين الوجهين فقال: "إن قال الرَّاهن أولاً تصرفت بِإذْنِكَ، ثم قال المُرْتَهِن كُنْتُ رجعت قَبْلَه، فالقولُ قول الرَّاهِنِ مع يمينه، وإن قالَ المرتهن أولاً رجعت عما أذنت، فقال الرَّاهِن كنت تَصَّرفْتُ قبل رُجوعِكَ، فالقُول قول المُرْتهن مع يمينه؛ لأن الراهن حين أخبر لم يكن قادراً على الإنشاء، ولو أنكر الرَّاهِنُ أَصْلَ الرجوع فالقول قوله مع يمينه؛ لأن الأصْلَ عدم الرجوع.

الصورة الثانية: إذا كان عليه دينان بأحدهما رَهْنٌ دُون الآخر، فسلم إليه ألْفاً ثم اختلفا فقال من عليه الدين: سلمته عَمَّا بِهِ الرَّهْن، وقَالَ المستحق بَلْ عَن الآخَرِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015