والثاني: تقبل، وبه قال الأكثرون؛ لأنهما ربما نسيا وإنْ تعمدا فالكذبة الواحدة لا توجب الفسق، ولهذا لو تخاصم رجلان في شيء، ثم شهدا في حادثة تقبل شهادتهما، وإنْ كان أحدهما كاذباً في ذلك التخاصم (?)، فعلى هذا إذا حلف جمع كل واحد منهما، أو أقام شاهداً آخر ثبت رهن الكل، وعن أبي الحسن بن القَطَّان الَّذِي شهد أَوَّلاً تقبل شهادته دون الذي شهد آخراً؛ لأنه انتهض خصماً منتقماً، والله أعلم.

الثانية ادَّعى رجلان على واحد أنك رهنتنا عبدك هذا بمائة واقبضناه، فإنْ صدقهما أو كذبهما لم يخف الحكم، وإنْ صدق أحدهما دون الآخر، فنصف العبد مرهون عند المصدق ويحلف الآخر، وهل تقبل شهادة المصدّق على المكذّب للمكذب؟ أطلق مطلقون أنها لا تقبل، وقال القاضي ابن كَجٍّ: تقبل، وحكى الإمام وصاحب الكتاب فيه وجهين؟ بناء على أنَّ الشريكين إذا ادَّعيا حقاً أو ملكاً بابتياع أو غيره، فصدق المدعى عليه أحدهما دون الآخر، يستبد المصدق بالنصف المسلم إليه أو يشاركه الآخر فيه، وفيه وجهان:

وإنْ قلنا: إنه يستبد المصدق بالنصف، قبلت شهادته للشريك، وإلاَّ فلا؛ لأنه يدفع بشهادته زحمة الشريك عن نفسه، والكلام في الأصل المبني عليه يذكر في الصُّلْح، إنْ شاء الله تعالى، والذي ينبغي أن يفتي به فيما نحن فيه القبول إنْ كان الحال لا يقتضي الشركة، والمنع إن اقتضت الشركة؛ لأنه دافع وذكر في "التهذيب": أنه إنْ لم ينكر إلاَّ الراهن قبلت شهادته للشريك، وإن أنكر الدين والرهن، فحينئذٍ يفرق بين أن يدعي الإرث أو غيره، ولك أن تقول كما أن الاستحقاق في الدين يثبت بالإِرْث تارة، وبغيره أخرى فكذلك استحقاق الرَّهْن، فليجر التَّفْصيل وإنْ لم ينكر إلاَّ الرَّهْن.

فرع: منصوص عليه في رواية الربيع، ادَّعى زيد وعمرو على ابني بكر أنهما رهنا عبدهما المشترك بينهما بمائة، فصدق أحد المدعيين ثبت ما ادَّعاه وكان له على كل واحد منهما ربع المائة، ونصف نصيب كل واحد منهما مرهوناً به، وإنْ صدق أحد الاثنين زيداً، والآخر عمراً ثبت الرَّهْن في نصف العبد لكل واحد من المدّعيين في ربعه بربع المائة؛ لأن كل واحد منهما يدعي على الاثنين نصف العبد، ولم يصدقه إلاَّ أحدهما، ثم لو شهد أحد الاثنين على الآخر قبلت شهادته، ولو شهد أحد المدعيين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015