والثاني عن الشيخ أبي محمد وغيره: أنه لا يُجْبَر عند الامتناع، ولكن يبيع القَاضِي جزءاً من المَرْهُون بحسب الحاجة.

وقد فرع الإمام على هذا أنَّ النفقة لو كانت تأكل الرَّهْن قبل الأجل ألحق بما يفسد قبل الأَجل فيباع، ويجعل ثمنه رهناً.

ولك أنْ تقول: هذا إما أنْ يلحق (?) بما لا يتسارع إليه الفساد، ثم عرض ما أفسده، أو بما يتسارع إليه الفساد، لا وجه للأول؛ لأن العارض ثم اتفاقي غير متوقع، والحاجة إلى هذه المُؤنات معلومة محققة، وإنْ كان الثَّاني لزم إثبات الخِلاَف المذكور في رهن ما يتسارع إليه الفَسَاد في رَهْن كل ما يحتاج إلى نفقة، أو مكان يحفظ فيه، وأنه بعيد وبه يظهر ضعف الوجه من أصله، وإذا قلنا بالأصح، فلو لم يكن لِلرَّاهن شيء أو لم يكن حاضراً، باع الحاكم جزءاً من المرهون، واكترى به بيتاً يحفظ فيه الرَّهْن، هكذا قاله الأئمة رحمهم الله تعالى وقد مرّ في مؤنة السَّقْي والجُذَاذ والتَّخفِيف مثله، وأما المُؤْنَات الدَّائِمة فيشبه أن يقال: حكمها حكم ما لو هرب الجِمَال وترك الجِمَال المُكْتَرَاة، أو عجز عن الإِنْفَاق عليها (?)، هذه إحدى مسألتي الفصل.

والثانية: أنه لا يمنع الرَّاهن منْ أن يفعل بالمرهون ما فيه مصلحته، كفَصْد العبد وحِجَامته، وتَوْدِيج الدَّابة وبَزْغها، والمُعَالَجة بالأدوية والمَرَاهم، لكن لا يجبر عليها بخلاف النفقة، وأجرى صاحب "التتمة" الوجهين في المُدَاوَاة، ثم إنْ كانت المداواة فيما يرجى نفعه ولا يخاف منه غائلة فذاك، وإنْ كان يخاف، فعن أبي إسْحَاق أنَّ للمرتهن المنع منه، وقال أبو علي الطَّبَرِي: لا يمنع (?)، ويكتفي بأن الغالب منه السَّلاَمة، واختاره القاضي أبو الطَّيب، ويجري الخلاف في قطع اليد المتآكلة إذا كان في قطعها وتركها خطر، فإنْ كان الخطر في التَّرْك دون القطع فله القطع، وليس له قطع سلعة، وأصبح لا خطر في تركها إذا خيف منه ضرر، فإنْ كان الغالب السَّلاَمة ففيه الخلاف، وله أنْ يختن العبد والأمة في وقت اعتدال الهواء، إن كان يَنْدَمِل قبل حلول الأجل، لأنه أمر لا بد منه والغالب فيه السَّلامة، وإن كان يندمل وكان فيه نقص لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015