والثاني: الجزم بالمنع إذ ليس فيه بطلان عضو ولا منفعته وإنما هو فوات جمال.
والثالث: أنه على القولين المقدمين، وإن خاف شيئاً يسيراً كأثر الجُدَرِي والسَّوَاد القليل فلا عبرة به، وكذلك لو خاف شيئاً قبيحاً على غير الأعضاء الظَّاهرة، والمراد من الظاهر ما يبدو عند المهنة غالباً كالوجه واليدين.
وأما تعبيره عن الخلاف في هذه المسائل بالوجهين فإنما اتّبع فيه إمام الحرمين، والمشهور في طرق الأصحاب أن فيها قولين على طريقة إثبات الخلاف كما حكيناه.
وثالثها: المرض الذي لا يخاف من استعمال الماء معه محظوراً في العاقبة، فلا يرخَّص في التّيمم وإن كان يتألم في الحال لجراحة أو حَرٍّ أو بَرْدٍ، لأنه واجد للماء، قادر على استعماله من غير ضرر شديد.
واعلم أن المرض المرخص لا يفترق الحال فيه بين أن يعرف كونه بحيث يرخص بنفسه، وبين أن يخبره طبيب حَاذِقٌ بشرط كونه مسلماً بالغاً عدلاً، وفي وجه يقبل في ذلك خبر الصبي المراهق والفاسق أيضاً، ولا فرق بين الحُرِّ والعَبْدِ، والذكر والأنثى؛ لأن طريقة الخبر وأخبارهم مقبولة ولا يشترط فيه العدد. وحكى أبو عاصم العبادي (?) فيه وجهين، وهذا كله فيما إذا منعت العقة استعمال الماء أصلاً لعموم العذر جميع موضع الطهارة وضوءًا كان أو غسلاً، فإن تمكَّنت العلة من بعض أعضاء الطَّهارة دون بعض غسل الصحيح بقدر الإمكان، وما الَّذِي يفعل العليل؟ نذكره بعد هذا (?) والله أعلم.
قال الغزالي: (السَّادِسُ) إِلْقَاءُ الجَبِيرَةِ بِانْخِلاعَ العَضْوِ فَيَجِبُ غُسْلُ مَا صَحَّ مِنَ الأَعْضَاءِ وَالمَسْحُ عَلَى الجَبِيرَةِ بِالمَاءِ، وَفي نُزُولهِ مَنْزِلَةَ مَسَحْ الخُفِّ فِي تَقْدِيرِ مُدَّتِهِ وَسقُوطِ الاسْتِيعَابِ وَجْهَانِ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ مَعَ الغُسْلِ وَالَمسْحِ عَلَى أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ، وَلاَ