وظاهر المذهب نفي الإعادة مطلقاً، ولا ينبغي أن يفهم ذلك من قوله في الكتاب: "وأولى بسقوط القضاء" فإنهم إذا رتَّبوا صورة على صورة في الخلاف ثم قالوا: وأوْلَى بكذا، لا يَعْنُون به سوى رُجْحَان ما وصفوه بالأولويّة بالإضافة إليه في الصورة المرتب عليها، ولا يلزم من كون النّفي أو الإثباب في صورة أرجح منه في صورة أخرى كونه أرجح على مقابله، نعم إذا قيل أولى الوجهين كذا فقضيته رجحان ذلك الوجه كما إذا قيل الأظهر أو الأصح كذا.
قال الغزالي: (الخَامِسُ) المَرَضُ الَّذِي يَخَافُ مِنَ الوُضُوءِ مَعَهُ فَوْتَ الرُّوحِ أو فَوْتَ عُضْو أَوْ مَنْفَعَةِ أَوْ مَرَضاً مَخوُفًا، وَكذَا إنْ لَمْ يَخَف إِلاَّ شِدَّةَ الضَّنَى وَبُطْءَ الْبُرْءِ أَوْ بَقَاءَ شَيْنٍ عَلَى عُضْوٍ ظَاهِرِ عَلَى أَقْيَسِ الوَجْهَيْنِ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ يَتَألَّمُ فِي الحَالِ وَلاَ يَخَافُ عَاقِبَةً لَزَمَهُ الوُضُوءُ.
قال الرافعي: المرض مبيح للتَّيمم في الجملة، قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ ...} إلى قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (?) نقل عن ابن عباس أن المعنى وإن كنتم مرضى فتيَّمموا (?)، وإن كنتم على سفر فلم تجدوا ماء فتيمموا (?). ثم هو على ثلاثة أقسام:
أولها: المرض الذي يخاف من الوضوء معه فَوْتُ الرُّوحِ، أو فوت عُضْوٍ أو فوت منفعة عضو فيبيح التيمم نقل عن ابن عباس في تفسير الآية إذا كان بالرجل جراحة في سبيل الله، أو قُروح أو جُدَري فَيُجْنِب ويخاف أن يغتسل فيموت يتيمم بالصّعيد (?) وألحق بهذا النّوع ما إذا خاف مرضاً مخوفاً، وكذا لو كان به مرض لا يخاف من اسْتِعْمَال الماء معه التَّلف، لكن يخاف من استعمال الماء معه حدوث المرض المخوف. وينبغي أن يعلم قوله: "أو مرضاً مخوفاً" بالواو؛ لأن إمام الحرمين حكى فيه عن العراقيين طريقين: