وجعل ثمنه رهناً صح، ولزم الوفاء بالشرط، وإنْ شرط إلاَّ يباع بحال قبل حلول الأجل، فهو فاسد مفسد للرهن لمناقضته مقصود الوثيقة، وإنْ لم يشترط هذا ولا ذاك فقولان:
أحدهما: وبه قال أبو حنيفة وأحمد: يصح الرهن ويباع عند تعرضه للفساد كما لو شرطه، لأن الظاهر أنه لا يقصد فساد ماله.
والثاني: لا يصح؛ لأنه مرهون لا يمكن استيفاء الحق منه عند المحل، والبيع قبله ليس من مقتضيات الرهن، وهذا أصح عند أصحابنا العراقيين، وميل من سواهم إلى الأول، وهو الموافق لنص الشافعي رضي الله عنه في "المختصر" (?).
والثالثة: أن لا يعلم واحد من الأمرين وكانا محتملين، ففي جواز الرهن المطلق قولان مرتبان على القولين في القسم الثاني، والصحة هاهنا أظهر.
ولو رهن ما لا يتسارع إليه الفساد فطرأ ما عرضه للفساد قبل حلول الأَجل كما إذا ابتلّت الحِنْطة وتعذر التَّجْفيف، فلا يفسخ الرهن بحال، وإنْ منع الصحة في الابتداء على قول، كما أن إِبَاق العبد يمنع صحة العقد، وإذا طرأ لم يوجب الانفساخ، ولو طرأ ذلك قبل المرهون ففي الانفساخ وجهان، كما في عروض المجنون والموت، وإذا لم ينفسخ يباع ويجعل الثمن رهناً مكانه (?).
قال الغزالي: وَيَجُوزُ رَهْنُ العَبْدِ (ح) المُرْتَدِّ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَرَهْنُ العَبْدِ الجَانِي يَنْبَنِي عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ علَى أَنَّ رَهْنَ المُدَبّرِ بَاطِلٌ، وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ مُنْقَاسٌ أَنَّهُ صَحِيحٌ، وَكَذَا رَهْنُ المُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ بَاطِلٌ إِذْ لاَ يَقْوَي الرَّهْنُ عَلَى دَفْعِ عِتْقٍ جَرَى سَبَبُهُ.
قال الرَّافِعِيُّ: في الفصل أربع صور:
إحداها: رهن العبد المرتد كبيعة وقد مرّ، والمذهب صحتهما، ثم إنْ كان المرتهن عالماً بردته، فلا خيار له في فسخ البيع المشروط فيه الرهن، وإنْ كان جاهلاً فله الخيار، فإنْ قتل قبل القبض فله فسخ البيع، وإنْ قتل بعده فهو من ضمان من؟ فيه وجهان مقرران في البيع، فإنْ جعلناه من ضَمَانِ الرَّاهِن فللمرتهن فسخ البيع، وإنْ جعلناه من ضمان المرتهن فهو كما لو مات في يده، فلا فسخ ولا