الأولى: في رهن العبد المسلم من الكافر طريقان: أحدهما: وبه قال أبو إسحاق، والقاضي أبو حامد أنه على القولين في بيعه منه إن صححناه جعل في يدي عدل من المسلمين (?).

والثاني وبه قال صاحب "الإفصاح": القطع بجوازه؛ لأنه لا ملك فيه للكافر، ولا انتفاع، وإنما هو مجرد استيثاق والظاهر جوازه، أثبت الخلاف أم لا، ورهن المُصْحف منه يترتب على رَهْن العبد ورهن السلاح من الحَرْبِي يترتب على بيعه منه.

الثانية عن الشيخ أبي علي رواية قول: إن رهن الجارية الحسناء لا يجوز إلاَّ أن تكون محرماً للمرتهن، والمذهب المشهور جواز رهن الجواري مطلقاً ثم إنْ كانت صغيرة لا تشتهى بعد فهي كالعبد وإلاَّ فإن رهنت من محرم أو امرأة فذاك؛ وإنْ رهنت من رجل أجنبي فإن كان ثقة وعنده زوجته أو جاريته أو نسوة يؤمن معهن من الإلمام بها فلا بأس أيضاً، وإلاَّ فلتوضع عند محرم لها أو امرأة ثقة، أو عدل بالصفة المذكورة في المرتهن، فإن شرط وضعها عند غير من ذكرنا، فهو شرط فاسد لما فيه من الخَلْوة بالأجنبية وخوف الفتنة، وألحق الإمام بالصِّغر الحسنة الخسيسة مع دَمَامَة (?) الصورة، لكن الفرق بينهما بيّن.

ولو كان المرهون خُنْثَى فهو كما لو كان جارية، إلاَّ أنه لا يوضع عند المرأة. وقوله في الكتاب (من ليس بعدل) يشعر بجواز الرَّهْن من العدل بلا كراهة، ولفظ "الوسيط" كالمصرح بذلك، لكن المعظم ما قنعوا بالعدالة، وشرطوا معها أن يكون ذا أهل كما سبق.

وإذا عرفت الصُّورتين عرفت أَنَّ اعتبار هذا الشرط مختلف فيه، وفي العبارة المذكورة لترجمته نظر، والله أعلم.

قال الغزالي: الثَّالِثَةُ أَنْ تَكُونَ العَيْنُ قَابِلَةَ لِلْبَيعِ عِنْدَ حُلُول الأجَلِ، فَلاَ يَجُوزُ رَهْنُ أُمِّ الوَلَدِ، وَالوَقْفَ، وَسَائِرِ أَرَاضِي العِرَاقِ مِنْ عَبَادَانَ إِلَى المَوْصِلِ طُولاً، وَمِنَ القَادِسِيَّةِ إِلَى حُلْوَانَ عَرْضاً، فَإِنَّهُ وَقْفٌ عَلَى اعْتِقَادِ الشَّافِعِي -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَقَفَهَا عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَلَى المُسْلِمِينَ بَعْدَ تَملُّكِهَا عَنْوَةً، وَقَال ابْنُ سُرَيجٍ: هِيَ مِلْكٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015