َتسليم الدَّراهم في المَجْلِس، ولا يثبت فيه خِيَار الشَّرْط، ولا يجوز الاعْتِياض عن الثوب، ولو قال: اشتريت ثوباً صفته كذا في ذمتك بعشرة دراهم في ذمتي، فإن جعلناه سلما وجب تَعْيين الدراهم وتسليمها في المجلس، وإن جعلناه بيعاً لم يجب (?).
قال الغزالي: وَلاَ يُشْتَرَطُ (ح) فِي المُسْلَمِ فِيهِ كَوْنُهُ مُؤَجَّلاً، وَيَصِحُّ سَلَمُ الحَالِّ (ح م) وَلَكِنْ يُصَرِّحُ بِالحُلُولِ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الأجَلِ لاقْتِضَاءِ العَادةِ الأَجَلَ، فَإِنْ أَطْلَقَ ثُمَّ ذَكَرَ الأَجَلَ قَبْلَ التَّفرُّقِ جَازَ نَصَّ عَلَيْهِ.
قال الرَّافِعِيُّ: السَّلَم الحَال صحيح خلافاً لأبي حنيفة ومالك وأحمد.
لنا أن في الأجل ضرب من الغَرَر؛ لأنه رُبَّما يقدر في الحال، ويعجز عند المحل، فإذا جاز مؤجلاً فهو حالاً أجوز، وعن الغرر أبعد، إذا عرف ذلك فلو صرح بالحُلُول أو التَّأْجيل فذاك، وإن أطلق فوجهان، وقيل: قولان:
أحدهما: أن العقد يبطل؛ لأن مطلق العقود يجمل على المعتاد، والمعتاد في السَّلَم التأجيل، وإذا كان كذلك فيفسد، ويكون كما لو ذكر أجلاً مجهولاً.
والثَّاني: يَصحّ ويكون حالاً كالثَّمَن في البَيْعِ المطلق وَبالوجه الأول أجاب صاحب الكِتَاب، لكن الأصح عند الجمهور هو الثَّاني، وبه قال في "الوسيط"، وفي بعض نُسَخ الكتاب بدل قوله: "فهو مجهول على النص" فهو محمول على الأجل، وهما متقاربان في الغرض، وأما النَّص فيمكن تنزيله على ما حكي عن الشَّافِعَي -رضي الله عنه- أنه قال: ويذكره حالاً أو مؤجلاً فاعتبر ذكر الحُلُول كالتَّأْجيل، ولو أطلقا العَقْد ثم ألْحَقَا به أَجلاً في مَجْلس العقد، فالنص لُحُوقه وهو المذهب، ويجيء فيه الخلاف الذي تَقَدَّم في سائر الإِلْحاقات، ولو صرَّحَا بالتَّأْجيل في مَتْن العقد، ثم أسقطاه في المَجْلِس سقط، وصار العقد حالاً، ذكره المسعودي وغيره.
واعلم أن في نصه على لحوق الأجل الملحق في المجلس دليلاً ظاهراً على صحة العقد عند الإطلاق، وإلاَّ فالعقد الفاسد كيف ينقلب صحيحاً وكيف يعتبر مجلسه؟ وهذا أصل بني عليه مسألة وهي: أن الشرط الفَاسِد للعقد إذا حذفاه في المجلس هل ينحذف وينقلب العقد صحيحاً أم لا؟