موضعها، وميل الشيخ إلى طرد الأصل فيها. ثم التلف قد يكون حقيقياً، وقد يكون حكمياً؛ كما لو كان المشتري قد وقف المبيع، أو أعتقه، أو باعه، أو وهبه وأقبضه فتجب القيمة، وهذه التصرفات ماضية على الصِّحة.

وعن أبي بكر الفارسي: أنه يَتَبيّن بجريان التَّحَالف فسادها وتردّ العَيْن.

والتَّعيُّب أيضاً قد يكون حقيقياً، وقد يكون حكمياً، كما لو زوج الجَارِية المبيعة أو العبد المبيع، فعليه ما بين قيمتها مزوجة وخلية، وتعود إلى البائع والنكاح بحاله، وعن الفارسي: أنه يبطل النكاح أيضاً، ومَهْما اختلفا في قدر القيمة.

والأَرْش فالقول قول المشتري؛ لأنه الغارم ولو كان العبد المبيع قد أبق من يد المُشْتَري حين تَحَالفا لم يمتنع الفسخ، لأن الإِبَاق لا يزيد على التَّلف، ويغرم المشتري قيمته لتعذّر الوصول إليه، وكذا لو كاتبه كتابة صحيحة، ولو رهنه فالبائع بالخيار بين أخذ القيمة وبين الصَّبر إلى انفكاك الرهن، ولو أجره فيبني على أن بيع المستأجر هل يجوز؟ إن قلنا: لا، فهو كما لو رهنه.

وإن قلنا: نعم، فللبائع أخذه لكنه يترك عند المستأجر إلى انقضاء المدة، والأجرة المُسَمَّاة للمشتري، وعليه للبائع أجرة المِثْل للمدة الباقية. وإن كان قد آجره من البائع فله أخذة لا مَحَالَة، وفي انفساخ الإِجَارَة وجهان كما لو باع الدار المُكْرَاة من المُكْتري.

إن قلنا: لا ينفسخ، فعلى البائع المُسَمّى للمشْتري، وعلى المشتري أُجْرَة مثل المدة الباقية للبائع، وإذا غَرَمَ القيمة في هذه الصورة، ثم ارتفع السَّبَبَ الحائل وأمكن الرد، هل تسترد القيمة وترد العين؟ يبنى ذلك على أنه قبل ارتفاع الحائل ملك من؟ أما الآبق ففيه وجهان: أحدهما: أنه يبقى للمشتري والفسخ لا يرد على الآبق كالمبيع، وإنما هو وارد على القيمة. وأصحهما: أنه في إِبَاقِهِ ملك للبائع، والفَسْخ وارد عليه، وإنما وجبت القيمة للحيلولة. وأما المرهون والمكاتب ففيهما طريقان:

أحدهما: طرد الوجهين.

وأظهرهما، وبه قال الشيخ أبو محمد: القَطْع ببقاء الملك للمشتري، كما أنَّ المشتري إذا أفلس بالثَّمن والعبد آبق يجوز للبائع الفسخ والرجوع إليه، ولو كان مرهوناً أو مُكَاتباً له ذلك، وأما المكري إذا منعنا بيعه فهو كالمرهون، والمكاتب والآبق؛ لأن حق المكري يتعلّق بمورد البَيْع والفسخ، وهو فيه احتمالان للإمام: فإذا قلنا ببقاء الملك للمشتري فالفَسْخُ وارد على القيمة، كما في صورة التَّلَف فلا رد ولا اسْتِرْدَاد، وإن قلنا بانقلابه إلى البائع، ثبت الرد والاسترداد عند ارتفاع الحيلولة، والله أعلم.

وتختم الباب بفروع:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015