سلم إلى وكيله ألفاً، وقال: اشْتَرِ لي عبداً وَأدِّ هذا في ثمنه، فَاشْتَرى الوَكِيل ففي مطالبته الموكل بالثَّمَنِ طريقان:
أحدهما: أنه يطالب، ولا حكم لهذا التَّعْيين مع الوكيل؛ لأن الوَكِيل سفير مَحْض، والمأذون مستخدم يلزمه الامْتِثَال والتزام ما ألزمه السَّيِّد ذمته.
وأقيسهما: طَرْدُ الوَجْهَيْنِ فيه وإذا تَوَجَّهت الطَّلبة على العبد لم تندفع بِعَتْقه، لكن في رجوعه بالمَغْرُوم بعد العِتْق وجهان:
أحدهما: يرجع لانقطاع اسْتِحْقَاق السَّيِّد بِالعِتْق.
وأظهرهما: لا يرجع؛ لأن المؤدى بعد العِتْق كالمستحق بالتَّصرف السابق على الرِّق، وهذا كالخِلاَف في أنَّ السيد إذا أعتق العبد الذي آجره في أثناء مدة الإجارة هل يرجع بأجرة مثله للمدة الواقعة بعد العتق.
قال الغزالي: وَلَو سَلَّمَ إِلَى عَبْدِهِ أَلفاً لِيَتَّجِرَ بِهِ فَاشْتَرَى بِعَيْنِهِ شَيْئاً وَتَلَفَ الأَلْفُ انْفَسَخَ العَقْدُ، وَإِن اشْتَرَي فِي الذِّمَّةِ فَثَلاثَةُ أَوْجُهٍ، الثَّالِثُ أَنَّ لِلمَالِكِ الخِيَارَ إِنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَأَبْدَلَ الألْفَ.
قال الرَّافِعِيُّ: إذا سلم إلى عبده ألفاً ليتّجر به فاشترى بِعَيْنه شيئاً، ثم تلف الألف في يده انفسخ العقد، كما لو تلف المبيع قبل القبض، وإن اشترى فِي الذِّمة على عزم صرف الألف إلى الثَّمن ففي المَسْألة وجهان:
أحدهما: أنه ينفسخ أيضاً؛ لأنه حصر إذنه في التَّصَرُّف في ذلك الألف، وقد فات محل الإذن.
وأصحهما: أنه لا ينفسخ، وعلى هذا فوجهان:
أحدهما: أنه يجب للسَّيد ألْف آخر، لأن العَقْد وقع له والثمن غير متعيّن فعليه الوفاء بإتمامه.
والثاني: أنه لا يلزمه ذلك، ولكنه إنْ أخرج ألفاً آخر أمضى العَقْد، وإلاَّ فللبائع فسخ العقد، ويشبه أنْ يكون هذا أظهر، وهو اختيار الشيخ أبي محمد، وإذا ترك التَّرْتيب حصل في المَسْأَلة ثلاثة أوْجُه كما ذكر في الكتاب، ووراءها وجه رابع وهو أنَّ الثمن يكون في كسب العبد، والوجهان في الأصل كالوجهين فيما إذا دفع ألفاً قِرَاضاً إلى رجل، فاشترى شيئاً في الذمة، وتلف الألف عنده، هل على رب المال ألف آخر أو ينقلب العقد إلى العامل؟
إن قلنا بالأول فعلى السيد ألف آخر.