أمره به فقد ارتفع المانع، ويستفيد المأذون في التجارة بهذا الإذن كل ما يندرج تحت اسم التجارة، أو كان من لوازمها وتوابعها، كالنَّشْر والطَّيّ وحمل المَتَاع إلى الحَانُوت، والرد بالعيب والمُخَاصَمَة في العهدة ونحوها، ولا يستفيد به غير ذلك، وهذا القول الجملي تُقَصِّلُه صور. منها: ليس للمأذون في التجارة أن يُنكح، كما أنه لَيْسَ للمأذون في النكاح أن يتجر، لأن كل واحد منهما غير متناول باسم الآخر.

ومنها: ليس له أن يُؤَاجِرَ نفسه؛ لأنه لا يملك التصرف في رقبته، فكذلك في منفعته. وعن الحليمي حكاية وجه: أنه يملك ذلك، وهو قول أبي حنيفة، وهل له إيجار أموال التجارة كالعبيد والدواب؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا، كما لا يؤاجر نفسه.

وأصحهما: نعم؛ لأن التُّجَّار قد يعتادون ذلك؛ ولأن المنفعة من فوائد المال فيملك العقد عليها، كالصُّوف واللبن.

ومنها: لو أذن له السيد في التجارة في نوع من المال لا يصير مأذوناً في سائر الأنواع، وكذا لو أذن في التجارة شهراً أو سنة لم يكن مأذوناً بعد تلك المدة، خلافاً لأبي حنيفة فيهما، وسلم أنه لو دفع إليه ألفاً ليشتري به شيئاً لا يصير مأذوناً في التجارة، ولو دفع إليه ألفاً وقال: اتَّجر فيه فله أن يشتري بعَيْن ما دفع إليه، وبقدره في ذمته ولا يزيد عليه، ولو قال: اجعله رأس مالك وتصرَّف أَو اتجر، فله أن يشتري بأكثر من القدر المدفوع إليه. ومنها: ليس للمأذون في التجارة أن يأذن لعبده في التجارة، خلافاً لأبي حنيفة، ولو أذن له السيد في ذلك ففعل جاز، ثم ينعزل مأذون المأذون بعزل السيد، سواء انتزعه من يد المأذون أو لم ينتزعه خلافاَ لأبي حنيفة فيما إذا لَمْ ينتزعه، وهل له أن يوكْل عبده في آحَادِ التصرفات؟ فيه وجهان:

أصحهما: عند الإمام وهو الذي أورده في الكتاب نعم؛ لأنها تصدر عن نظرة، وإنما المُمْتَنِع أن يقيم غيره مَقَام نفسه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015