وتأيد القول الأول بالأصل الأول، والثَّاني بالثاني، ولا فرق على القولين بين أن يقُلّ أو يكثر. وقال مالك: يوضع الثُّلث فَصَاعِداً، ولا يوضع ما دونه. وإن باع الثِّمَار قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط القطع، ولم يقطعها حتى أضاعتها الجائحة، ففيه ثلاثة طرق:
أظهرها: أنه على القولين.
والثاني: أنها من ضَمَان المُشْتَري قولاً واحداً لتفريطه بترك القطع، وأيضاً فلأنه لا علقة بينهما إذ لا يجب السَّقْي على البَائِع، والحالة هذه، ويحكى هذا عن القَفَّال.
والثالث: أنها من ضمان البائع قولاً واحداً؛ لأنه إذا شرط القطع كان القبض فيه بالقطع والنقل. ويتفرَّع على كونها من ضَمَان البَائِع أمور:
الأول: أن المحكوم بكونه من ضَمَان البائع ما تلف قبل أوان الجُذَاذ، أما ما تلف بعد أوان الجُذاذ وإمكان النقل ففيه قولان: ويقال وجهان:
أحدهما: أَنَّها من ضمان المُشْتَري لتقصيره بالترك.
والثاني: من ضمان البائع أيضاً، لأن التَّسليم لا يتم ما دامت الثِّمَار متصلة بملك البائع، ويشبه أن يكون الأول أرجح. قال الإمام: وموضع الخلاف ما إذا لم يَكُن التأخير بحيث يعد تقصيراً وتضييعاً كاليوم، واليومين، فإن كان كذلك فلا مَسَاغَ للخلاف.
الثاني: لو تلف بعض الثِّمَار فالحكم على هذا القول كما لو تلف قبل التَّخْلية، ولو عابت الثمار بالجَوَائِح ولم تتلف ثبت الخِيَار على هذا القول كما لو عابت قبل التخلية، وعلى الجديد لا يثبت.
الثالث: لو ضاعت الثمار بِغَصْب أو سرقة فوجهان:
أحدهما: أنها من ضمان البائع أيضاً بناء علي أن التسليم لا يتم إلاَّ بالتَّخْلية.
والثاني: أنها من ضمان المشتري لتمكّنه من الاحتراز عنه بنصب الحافظين، وأيضاً فإنّ الرجوع على الجاني بالضَّمَان مُتَيسر، وهذا أصح عند صاحب الكتاب والأكثرين، فمن يقول به يقطع بأن المَغْصُوب والمسروق من ضمان المشتري، والقائل الأول يجعلهما على القولين وهو ما أورده العِرَاقيون (?).