تحصيل الرطب، ومالك الرطب مستغنى عنه أو حاجته إليه أدنى فلا يلحق بصورة الرخصة.
والثاني وبه قال ابن خَيْرَان: أنه يجوز لأنه ربما يَشْتَهي ما عند غيره.
والثالث: أنه إن اختلف النوعان جاز، ويحكى هذا عن أبي إسحاق وحكى الشيخ أبو حامد وآخرون عنه تخصيص هذا التَّفصيل بما إذا كان على النخيل، والمنع فيما إذا كان أحدهما على وجه الأرض، والفرق أنه قد يزيد النَّوْع الذي عند صاحبه ويريد أن يأكله رطباً على التدريج، وما على وجه الأرض لا يمكن أن يؤكل رطباً على التَّدْريج، لأنه يفسد أو يجف، ولو باع الرّطب على وجه الأرض بالرّطب على وجه الأرض لم يَجُز؛ لأنه ليس في معنى صورة الرّخْصة من حيث إنّ أحد المعاني فيها أنْ يأكله طريّاً على التَّدْريج، وهذا لا يتحقّق فيما على وجه الأرض، وذكر القَفَّال في شرح "التلخيص": أنه على الخلاف؛ لأنه إذا جاز البيع، وأحدهما أو كلاهما على رأس النَّخْل خَرْصاً، واحتملت الجَهَالة فلأن يجوز مع تحقّق الكيل في الجانبين كان أولى.
الثالثة: فيمن يجوز له بيع العَرَايَا، ويجوز ذلك لِمَحَاوِيج الناس، وفي أغنيائهم قولان:
أصحهما: الجواز لإطلاق الألفاظ التي رويناها.
والثَّاني: لا يجوز ذكره في اختلاف الحديث، وبه قال أحمد والمزني، لما روي عن زَيْدِ بْنِ ثابت -رضي الله عنه- "أَنَّهُ سَمَّى رجَالاً مُحْتَاجِينَ مِنَ الأَنْصَارِ شَكَوا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلاَ نَقْدَ بأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَباً يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ، وَعِنْدَهُم فَضُولُ قُوتِهِمْ مِنَ التَّمْرِ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ" (?).
ومن قال بالأول قال: هذه حكمة شرعية، ثم قال: يعم الحكم كما في الرَّمل والاضْطِياع في الطَّوَاف ونظائرهما، ومنهم من بني الخلاف في هذه المَسَائل على أن الخَرْص أصل بنفسه يقام مقام الكيل أو ليس كذلك، ويتبع مورد النص والله أعلم.
قال الغزالي: وَإِذَا اجْتَاحَتِ الآفَةُ الثِّمَارَ قَبْلَ القِطَافِ وَبَعْدَ التَّخْلِيَةِ، فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ البَائِعِ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ، وَمَيْلُ الجَدِيدِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَمَانِهِ (م)، وَمَا فَاتَ بآفَةِ السَّرِقَةِ لَيْسَ مِنْ ضَمَانِهِ عَلَى الأَصَحِّ، وَيَجِبُ عَلَى البَائِعِ أَنْ يَسْقِيَ الأَشْجَارَ لِتَرْبيَةِ الثِّمَارِ، فَإِنْ