والطريقة الثانية: تقرير النصين، والفرق أن تقرير أمر القعود أسهل من أمر الوضوء واللبس، ولهذا جاز تركه في النَّقْلِ مع القدرة على القيام بخلاف التيمم، وكشف العَوْرَةِ لا يحتمل في النقل كما في الفرض، وهذا الفرق حكاه الشيخ أبو محمد عن القَفَّال، قال إمام الحرمين: هذا ضعيف، لأن القيام رُكْنٌ في صلاة الفرض فمن أين ينفع حطه في صلاة أخرى؟.
وللفارق أن يقول الواجب في نوعي الفرض والنقل أهم من الواجب في أحدهما: فيكون أبعد عن قبول المسامحة، وينتظم الفرق.
وقال كثيرون من الأصحاب: لا نصّ للشافعي في مسألة البِئْرِ لكن نص في المسألتين الأخريين على ما سبق، فمنهم من نقل وخرج، ومنهم من قرر النصين، وفرق بوجهين:
أحدهما: ما سبق.
والثاني: أن للقيام بدلاً ينتقل إليه، وهو القعود، ألا ترى أن قعُودَ المريض كقيام الصحيح، وستر العورة لاَ بَدَلَ له فوجب الصَّبْرُ إلى القدرة عليه، وهؤلاء ألحقوا مسألة البئر بمسألة السَّفينة، وقالوا: لا يصبر، لأن للوضوء بدلاً وهو التيمُّم، ولك أن تعلم قوله: "فقد نص فيه وفي الثوب" بالواو؛ لأن هؤلاء نفوا أن يكون للشَّافعي نص في مسألة البئر، وخالفوا ما رواه.
وأعلم أن إمام الحرمين أجرى الخلاف المذكور في هذه المَسْألَةِ فيما إذا ضاق الوقت ولاح للمسافر (?)، ولا عائق، لكن علم أنه لو اشتغل به لفاتته الصلاة، وذكر في "الوسيط" ذلك أيضاً، وهو يقتضي إثبات الخلاف في المَرْتَبَةِ الثانية من مراتب الحالة الثالثة وإن لم يذكر، ثم (?).
قال الغزالي: فَرْعَانِ، أحَدُهُمَا، لَوْ وَجَدَ مَاءً لاَ يَكْفِيهِ لِوُضُوئهِ يَلْزَمُهُ (ح) اسْتِعْمَالُهُ قَبْلَ التَّيَمُّمِ عَلَى أَظْهَرِ القَوْلَيْنِ.
قال الرافعي: إذا وجد الجُنُبُ من الماء ما لا يكفيه لغسله، أو المُحْدِث ما لا يكفيه لوضوئه ففيه قولان: