الحُمُر، فإذا كبرت تشققت فتظهر العَنَاقِيد في أَوْسَاطها، فبذر فيها طلع الفُحُول الحاصل من رطبها أجود، فالتَّشْقيق وذرْ طلع الفُحُول فيها هو التَّأْبير، وقد يسمى تلقيحاً أيضاً، ثم الأكثرون يسمون الكِمَام الخارج أكله طَلْعاً، والإمام خصّ اسم الطَّلْع بما يظهر من النُّور على العنقود عند تشقُّق الكِمَام، ثم المتعهدون للنَّخِيل لا يؤبِّرون جميع الأَكَمَة، ولكن يكتفون بتأبير البعض، والباقي ينشق بنفسه، وينبت ريح الفُحُول إليه، وقيل قد لا يؤبّر في الحائط شيء، وتتشقق الأكمة بنفسها إذ كبرت، إلا أن رطبه لا يجيء جيداً، وكذلك الخارج من الفُحُول ينشق بنفسه ولا يشقق غالباً.
إذا تقرر ذلك، فإذا باع نخلة عليها ثمرة، وشرطاها للبائع لم تندرج في بيع النخلة، وإن شرطاها للمشتري اندرجت، وإن أطلقا وهي مسألة الكتاب نظر إنْ كانت مؤبَّرة لم تندرج في البيع، وكذا لو لم تؤبّر وتشقّقت الأَكَمة بنفسها اعتباراً لظهور المقصود، وإن لم تؤَبّر ولا تشققت هي اندرجت في البيع، وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: تبقى الثمار للبائع أُبِّرت أو لم تُؤَبَّر.
لنا ما سبق من الخبر، وأيضاً فإن لها حالة كُمُون وظهور بأصل الخِلْقة، فيتبع الأصل في حالة الكمون اعتباراً بحال البهيمة والجَارِية، ولو باع الفحول من النّخيل بعد تشقُّق طلعها لم يندرج الطَّلْع في البيع، وإن لم يتشقق فوجهان:
أظهرهما: الاندراج كما في طلع الإِنَاث.
والثاني: أنه لا يندرج، لأن طلع الفحل يؤكل على هَيْئَتِه، ويطلب لِتَلْقيح الإناث به، وليس له غاية مُنْتظرة بعد ذلك، فكان ظهوره كظهور ثمرة لا قِشْرَ لها، بخلاف طلع الإناث فإنه يعني بثمرته فاعتبر ظهورها.
ثم الكلام في أمرين:
أحدهما: ما عدا النخيل من الأشجار أقسام:
أولها: ما يفصل منه الورق كشجر الفِرْصَاد، وقد ذكرنا حكمه.
قال في "البيان" وشجر الحنَّاء ونحوه، يجوز أن تلحق بشجر الفِرْصَاد، ويجوز أن يقال: إذا ظهر ورقه فهي للبائع بلا خلاف؛ لأنه لا ثمرة لها سوى الورق، ولِلْفرْصَاد ثمرة مأكولة.
وثانيها: ما يقصد منه الورد، وهو على ضربين:
أحدهما: ما يخرج في كِمَام ثم ينفتح كالورد الأحمر، فإذا بيع أصله بعد خروجه وتفتحه فهو للبائع، كطَلْع النخل المتشقق، وإن بيع بعد خروجه وقبل تفتحه، فهو للمشتري كالطَّلْع قبل التشقق، وعن الشيخ أبي حامد أنه يكون للبائع أيضاً.