قال الغزالي: الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَوَهَّمَ وُجُودَ المَاءِ حَوَالَيْهِ فَليَتَرَدَّدِ (ح) الرَّجُلُ اِلَى حَدٍّ يَلْحَقُهُ غَوْثُ الرِّفَاق، فَلَوْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ صَلاَةٍ أُخْرَى فَفِي وُجُوبِ إعَادةَ الطَّلَبِ وَجْهَانِ.

قال الرافعي: إذا لم يتيقن عدم الماء حواليه، بل جوَّز وجوده تَجْوِيزاً قريباً أو بعيداً وجب تقديم الطلب على التَّيمم؛ لأن التَّيمم طهارة ضرورة ولا ضرورة مع إمكان الطهارة بالماء، ويشترط أن يكون الطلب بعد دخول الوقت، فحينئذ تحصل الضرورة، وهل يجب أن يطلب بنفسه أو يجوز أن ينيب غيره؟ فيه وجهان:

أظهرهما: أنه يجوز الإِنَابَةُ حتى لو بعث النَّازِلُونَ واحداً ليطلب الماء أجزأ طلبه عن الكُلِّ ولا خلاف أنه لا يسقط بطلبه الطَّلَب عمن لم يأمره، ولم يأذن له فيه.

وكيفية الطَّلب أن يبحث عن رحله إن كان وحده، ثم ينظر يميناً وشمالاً وَخَلْفاً وَقُدَّاماً إذا كان في مُسْتَوى من الأرض، ويخص مَواضِعَ الخُضْرَة، واجتماع الطُّيُورِ بمزيد الاحتياط، وإن لم يكن مستوياً، واحتاج إلى التردد نظر. فإن كان يخاف على نفسه وماله فلا يجب ذلك؛ لأن الخوف يبيح له الاعراض عند تيقُّن الماء، فعند التَّوهُّم أولى وإن لم يخف، وهذه الحالة هي المَحْكُومُ فيها بقوله في الكتاب "فعليه أن يتردَّد إلى حدٍّ يلحقه غَوْثُ الرِّفَاق" وهذا الضابط مستفاد من إمام الحرمين -رحمه الله-.

قال: لا نكلفه البعد عن مُخَيَّم الرّفْقَة فَرْسَخًا، أو فَرْسَخَيْنِ وإن كانت الطُّرُقُ آمِنَةً: ولا نقول لا يفارق طُنُبَ (?) الخِيَامِ، فالوجه القصد أن يتردد، ويطلب إلى حيث لو استغاث بالرّفقة لأَغَاثُوهُ مع ما هم عليه من التَّشَاغُلِ بالأشغال والتفاوض (?) في الأقوال، وهذا يختلف باستواء الأرض واختلافها صُعُودًا وَهُبُوطاً، وهذا الضَّبْطُ لا يكفي في كلام غيره لكن الأئمة من بعده تابعوه عليه، وليس في الطرق ما يخالفه: هذا إذا كان وحده فإن كان في رفقة وجب البحث عنهم أيضاً، إلى أن يستوعبهم أو يضيق الوقت فلا يبقى إلا ما يسع لتلك الصلاة، وفي وجه إلى أن يستوعبهم أو لا يبقى من الوقت إلا ما يَسَعُ رَكْعَةً. وفي وجه إلى أن يستوعبهم وإن خرج وقت الصلاة (?) وإذا عرف أن معهم ماء فهل يجب استيهابه من صاحبه فيه وجهان:

أحدهما: لا، لصعوبة السؤال على أهل المُرُوءَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015