قال العراقيين (?): الفُرْصَةُ القطعة من الصوف أو القطن، فالأولى المِسْكُ، فإن لم تجده استعملت طِيْباً آخر، فإن لم تجد فَطِينًا لقطع الرّائحة الكريهة، فإن لم تجد كفى الماء، والنُّفَسَاء كالحائض في ذلك.

الثّامن: ماء الوضوء والغسل غير مقدر.

قال الشّافعي -رضي الله عنه-: "وقد يخرق بالكثير فلا يكفي، ويرفق بالقليل فيكفي".

والأحبّ أن لا ينقص ماء الوضوء عن مُدِّ، وماء الغسل عن صَاع، لما روى: "أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ، وَيغْتَسِلُ بِالصَّاعِ" (?) وروي أنه قال: "سَيَأْتِي أَقْوَامٌ يَسْتَقِلُّونَ هَذَا فَمَنْ رَغِبَ فِي سُنَّتِي وَتَمَسَّكَ بِهَا بُعِثَ مَعِي فِي حَضِيرَةِ القُدْسِ" (?).

والصَّاع والمُدُّ معتبران على التّقريب، دون التحديد، -والله أعلم- وحكى بعض مشايخنا عن أبي حنيفة أنه يتقدر ماء الغسل بِصَاعٍ فلا يجوز أقل منه، وماء الوضوء بِمُدٍّ، وربما حكى ذلك عن محمد بن الحسن، لنا أن ثبتت الرواية عنهما ما روى: "أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأَ بِنِصْفِ مُدٍّ" (?) وروى أيضاً: "أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ تَوَضَّأَ بِثُلُثِ مُدٍّ" (?).

ونختم الباب بكلامين:

أحدهما: إن أدخل كلمةٌ "ثمَّ" في معظم هذه الآداب، وهي على حقيقتها في الترتيب إلا في قوله: "ثم يدلك" بعد قوله: "ثم يُكَرِّر ثلاثاً"، فإن الدّلك لا يكون متأخراً عن التَّكْرار ثلاثاً، بل الدلك في كل غسلة معها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015